على غرار مسمى (جمعية الشعراء الموتى)، الفيلم الرائع الذي أبدع فيه الممثل الأمريكي الراحل، روبن ويليامز، في أحد أجمل أدواره على الإطلاق في دور أستاذ الأدب المتمرد على الأطر الكلاسيكية للتعليم، الذي يسعى لغرس بذرة التمرد لدى طلابه، ويدعوهم لرؤية العالم من زاوية مختلفة، أدعو من هذه الزاوية الضيقة إلى تأسيس ما يمكن أن نسميه مؤقتًا (جمعية الشعراء الأحياء)، إلى أن نصل إلى مسمى مقترح أفضل. هذه الجمعية تضم في عضويتها الشعراء العرب الأحياء الذين ما زالوا متمسكين بغواية الشعر، ولم يتسلل إليهم اليأس بعد من لا جدوى الكتابة والنشر. قد يجد بعض القراء في هذه الفكرة نوعًا من السخرية المرة من واقع الشعر المرير في زماننا، وهي كذلك بدرجة من الدرجات ومن زاوية نظر معينة، ولكنها لا تخلو من الجدية أيضًا، بالنظر إلى التراجع الواضح والمستمر في أسهم الشعر لدى المتلقين الذين صار منظمو المهرجانات الشعرية، يتحايلون عليهم ليجتذبوهم للحضور عبر دمج أمسيات الشعر مع أنشطة ثقافية وفنية جماهيرية متنوعة. المدقق في وجوه حضور معظم أمسيات الشعر سيلاحظ على الفور أن أغلب (إن لم يكن كل) أولئك الحضور هم من المشتغلين بالشعر كتابة أو نقدًا، مما يستدعي إلى الذهن على الفور حضور المنتديات والمؤتمرات ذات الطابع المهني التي لا يحضرها عادة إلا الاختصاصيون وذوو العلاقة بهذا التخصص المهني أو ذاك. حقًا، ما الذي يمنع من تأسيس مثل هذه الجمعية التي سيدعم عبرها الشعراء بعضهم بعضًا، ويصغون إلى بعضهم بعضًا في عالم بات ينبذهم أكثر فأكثر يومًا بعد يوم؟ لماذا لا يدير الشعراء ظهورهم للعالم الذي أدار لهم ظهره ونفاهم من مملكته؟.