تزينت العاصمة الماليزية «كوالالمبور»، بصور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعلم المملكة، احتفاء بزيارته- حفظه الله- إلى ماليزيا في زيارة رسمية، في مستهل جولته الآسيوية التي تقوده إلى 7 دول، أبرزها الصينواليابان. وفي اعتقادي أن اختيار الملك سلمان بن عبدالعزيز جولته باتجاه الشرق رسالة قوية تدلل على استقلالية المملكة وبعدها عن حسابات المحاور أو التكتلات التي تجعلها دائما في صف دول بعينها لتؤكد للعالم أجمع أن سياستها تقوم على ثوابت رئيسة، أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج والجزيرة العربية والدول العربية والإسلامية والصديقة، بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها. فكان هذا الاستهلال باتجاه الشرق بادرة ثقة وتواصل رحبت به الأوساط السياسية في القارة الصفراء وقابلته بكثير من الود والترحيب، وكانت ماليزيا محطة الملك المفدى الأولى ووصفتها الصحافة الماليزية بالتاريخية، وتأتي من منطلق العلاقة القوية التي تربط البلدين، والتي بدأت منذ نشأتيهما، وظلت تتطور مع مرور السنوات، حتى أصبحت عنوانا للتعاون الاستراتيجي المشترك. الملك سلمان- في كلمته أمام ملك ماليزيا محمد الخامس في حفل العشاء الذي أقامه الملك الماليزي- قال إن المملكة العربية السعودية تقف بكل إمكانياتها لنصرة القضايا الإسلامية، ومعالجة التحديات التي تواجه دول العالم الإسلامي، وأكد- حفظه الله- حرص المملكة على التعاون مع ماليزيا والتنسيق معاً لخدمة الإسلام والمسلمين، وأشاد الملك سلمان- وفقه الله- بعمق العلاقات التي تربط البلدين ومتانتها، والتعاون المثمر بينهما في جميع المجالات، معربا عن ارتياحه لما وصلت إليه من مستوى مرموق وقد قلد ملك ماليزيا خادم الحرمين الشريفين وسام (التاج) الذي يعد أعلى وسام ملكي في ماليزيا. الزيارة ألقت بظلالها على الصعيد الاقتصادي والثقافي والسياحي، خاصة أن هناك استثمارات كبيرة بين البلدين، وكذلك على مستوى الكفاءات والخبرات الماليزية التي أصبح لها ظهور واضح في سوق العمل السعودية، ناهيك عن الخدمات التي تحرص المملكة على تقديمها لزوار بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين الماليزيين. وقد أوضحت في مداخلة تلفزيونية في قناة الإخبارية السعودية يوم الإثنين الفائت أن المملكة منفتحة على الجميع، وترحب بالتعاون مع كل الدول الصديقة، وأن قيادة المملكة حريصة على تعزيز التوازن في علاقاتها بين الشرق والغرب، بما يفيد مصالحها ومصالح شعبها وأمتها، وأن المملكة لا ترمي بكل ثقلها في كنف دول بعينها، وإنما توازن بين دول العالم وقاراته المختلفة، بما يحقق أهداف المملكة ويعزز ثوابتها وتحقيقا لرؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط كدخل أساس وتركز على الصناعة والاستثمار. من المؤكد أن زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا خرجت بتوصيات واتفاقيات ستخدم المملكتين وشعبيهما بشكل أكبر على المستوى المعرفي والاقتصادي والتجاري وستزيد من حجم التبادل المعرفي بين البلدين. وأمس الأول الأربعاء زار الملك سلمان جمهورية إندونيسيا المحطة الثانية له حفظه الله تليها زيارة كل من (سلطنة بروناي دار السلام، اليابان، جمهورية الصين الشعبية، جمهورية المالديف، والمملكة الأردنية الهاشمية). ومن المتوقع أن تُثمر جولة الملك عن توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية مع تلك البلدان. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اعتلى سدة الحكم والتحديات السياسية في المنطقة تتزايد، وكان صارمًا حازمًا جمع حوله دول التحالف التي دعمت الشرعية في اليمن ضد الحوثيين والمخلوع صالح وأوقف الزحف والتمدد الصفوي الإيراني الذي يسعى لنشر الفوضى في دول المنطقة، وأتذكر أن سلمان الحزم والعزم له جولات دولية قام بها حين كان وليا للعهد إلى كل من آسيا وأوروبا وما أثمرته تلك الجولات من نتائج ومفاهمات مع مختلف زعماء وقادة الدول الشرقية والغربية، فالملك سلمان- حفظه الله- حاكم متمرس وسياسي مُحنك، والتفكير الاستراتيجي للملك سلمان منذ أن كان وليا للعهد هو الذي قطفنا ثماره بخروج برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 إضافة إلى ما ضخه حفظه الله بقراراته الأخيرة من دماء جديدة في الحكم كفيلان بأن يضمنا سياسة سعودية متوازنة ومعتدلة وحازمة وأكثر نشاطا وفاعلية. ومن حكمة الملك سلمان وثقافته التاريخية التي اشتهر بها زيارة جزر المالديف، وجدولتها في هذه الجولة لتأتي هذه الزيارة تقديرا للعمق الثقافي والديني لجزر المالديف وتحمل الكثير من تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والدينية بين البلدين، فالذي لا يعرفه كثير من الناس عن هذا البلد أنه بلد مسلم، بنسبة 100% وذو موقع استراتيجي في آسيا من الحكمة بمكان استغلاله ودعمه بعلاقات جيدة وبناءة تخدم البلدين، ونحن ننتظر بشغف نتائج تلك الجولة الملكية التي نتطلع أن يكون لها مردود إيجابي على المواطن السعودي في التوظيف والتدريب والتعليم والابتعاث واستقطاب الشركات العالمية المتطورة في الشرق للمشاركة في الانشاء والبناء لمشاريع المملكة المستقبلية.