بلدة الجبيل في محافظة الأحساء تكاد تكون في مصاف المدن بجغرافيتها ومساحتها التي تتمدد غربًا نحو مدينة الهفوف، فنموها السكاني وأحياؤها الجديدة وشوارعها الواسعة تحفز كثيرًا نحو تخطيط عمراني مستقبلي لها؛ كونها تتربع على ضفاف البلدات الريفية الشرقية لواحة الأحساء.ويرى كثير من أهالي الجبيل أنها نمت بشكل مطرد، وأصبحت الأحياء الجديدة عصرية الملامح بتخطيطها وشوارعها وطبيعة بيوتها الحديثة، مثل حيي الزهرة والثريا، داعين إلى إنشاء جمعية خيرية، ونادٍ رياضي، وقاعة مطالعة، ومركز اجتماعي، والاهتمام أكثر بالنظافة، والتشجير. يشير أحد سكان بلدة الجبيل، أحمد الضحاك، إلى أن مسمى الجبيل يعود إلى تصغير «جبل»؛ كونها تقع على تلة مرتفعة ومنها اشتق الاسم، والاسم التاريخي لها هو جبلة التي ذكرها ياقوت الحموي في كتابه تاريخ البلدان، ولا يزال وسطها يحمل ذات الاسم، وهي من الأمكنة القديمة في تاريخ الاستيطان بواحة الأحساء، حيث انتقل الإنسان من مرحلة الصيد إلى الاستيطان والاستقرار والزراعة واستئناس الحيوانات وتكوين المجتمعات. وأضاف: تقع الجبيل في قلب المنطقة الخضراء لواحة الأحساء، وهي ضمن ذلك التاريخ القديم، وتكون لها ما يعرف ب«طرف الجبيل» شأنها شأن كل المجتمعات القديمة في الأحساء، وهذا الطرف به عدد من مواقع الاستيطان المعروفة تاريخيًا، منها ما بقيت آثارها ومنها، مقبرة عسلج التاريخية التي ضمت رفات شخصيات احسائية ويعود تاريخها إلى القرن السابع، وكذلك العوارض، والعجلية، وضويغط، وسعيفان، والوجير، والوكرة، والزوبري، والزهيري، ويؤكد أنه كان يمر بها نهر سليسل الذي يعتقد أنه هو نهر محلم، وإليه ينسب المحلميون الذين هاجروا إلى ديار بكر. ويشير علي العيسى إلى أن عمارة الجبيل التقليدية لا تختلف عن غيرها من مجتمعات الأحساء، فهي أنموذج للعمارة الأحسائية، ويكون المسجد في وسطها وتلتف حوله المباني السكنية والدكاكين، وهي مسورة ببوابة ومنافذ جانبية، وبيوتها في الأغلب من الطين وذات براحة وطابقين، وتكون المجالس أكثر بهاءً بزخرفتها الجصية، ووجود «الوجاغ» رمز الكرم والأسقف الخشبية الملونة.وإلى قبل أربعة عقود كان غالبية سكان الجبيل يعملون بالزراعة، وتعتبر الجبيل غنية بالمياه، ويزرع إلى جانب النخيل «العيش الحساوي» البرسيم والليمون والرمان والعنب والخوخ والتين والبقوليات والحشائش بأنواعها، وكذلك تربية الحيوانات كالبقر والأغنام والماعز والحمير والدجاج، وكان أفراد الأسرة يساهمون في اقتصاديات الأسرة، والجبيل تميزت بصناعة منتجات النخيل الغذائية وخوصيات السفرة والزنبيل والمرحلة والحصر وغيرها. ويذكر حيدر البراهيم: نما عدد السكان ليصل إلى 12 ألفًا، رغم هجرة كثير من سكانها كجاراتها إلى الهفوف، والدمام، والخبر، والجبيل، والرياض، وتطور التعليم ضمن النهضة الشاملة بالمملكة ذكورًا وإناثًا، وبها 4 مدارس ابتدائية ومتوسطتان وثانويتان، وروضة أطفال ومركز مهارات للأطفال، وتركت الأجيال المتعلمة الزراعة لتنخرط في الوظائف الحكومية والأعمال التجارية والخاصة، وقد حصل المئات منهم على الشهادات الجامعية.