القلق ¿¿ على الماء ليس مرضًا وتصنُّعًا.. ليس تخويفًا وإثارة فزع.. المياه بالمملكة (نادرة) المصادر و(محدودة) الكميات.. حقيقتان تحكمان علاقتنا بالماء.. أن يكون الماء محور أي تنمية.. يفرض استغلال إمكانات البيئة الطبيعية بشكل رشيد وحكيم.. تجاوز الحقائق وعدم الاكتراث محاذير مخيفة ومرعبة.. مع الماء يجب توقع الأسوأ في أقصى درجاته. ¿¿ بجريدة اليوم الإثنين الماضي، عدد (15949)، معلومات إحصائية لاستهلاكنا من المياه الجوفية لعام (2015).. بلغ (24.5) مليار متر مكعب.. للقطاع الزراعي (20.5) مليار متر مكعب، وكان عام (2010) حوالي (14) مليارا.. للاستهلاك الصناعي (976) مليون متر مكعب، وكان عام 2010 حوالي (753) مليونا.. للاستهلاك المنزلي (2.7) مليار متر مكعب، وكان حوالي 2 مليار عام 2010.. ماذا تعني هذه الأرقام؟! ¿¿ استهلاك الماء بجميع القطاعات يزيد سنويا.. المقارنة بين الاستهلاك الزراعي والمنزلي وصلت مرحلة مخيفة ومقلقة.. منذ نهاية الخطة الثانية (1980) والأصوات العلمية وخطط التنمية تحذر من تمادي القطاع الزراعي في استنزاف المياه الجوفية.. لماذا التجاهل؟! ¿¿ بلغ ثمن المياه الجوفية المستنزفة لجميع القطاعات، بسعر تكلفة التحلية، مبلغًا فلكيًا وصل (416.5) مليار ريال سنويا.. مؤشر يوحي ويقول.. مياه لم نخسر على تواجدها أي شيء.. هل هذا مبرر لإهدارها على زراعات عشوائية وترفيهية؟! بالمقابل إنتاج التحلية في نفس الفترة (1.2) مليار متر مكعب فقط.. أقل من نصف مجموع الاستهلاك المنزلي.. وبتكلفة فلكية (20) مليار ريال.. هل التحلية جزء من (التجاوزات)؟! هل التحلية مؤشر (هياط) يتحمل تكاليفها المواطن؟! هذا ما أراه وأسعى لتأكيده. ¿¿ ما الحل لمواجهة تحديات ومشاكل المياه؟! لن أدخل متاهات ما يجب أن يكون وفورا.. لكن أتعجب من (التفريط) بالخزان الطبيعي للمياه الجوفية المتجددة.. لماذا نصنع العطش؟! لماذا نتجاهل إمكانيات البيئة؟! هل نخلق الأزمات ثم نسجل (قصائد) التفاخر على احتوائها وإدارتها؟! في أمر البيئة والمستقبل والأجيال القادمة يجب تنفيذ كل شيء بحساب دقيق، وإتقان وجودة تضمن السلامة والاستدامة. ¿¿ بجانب التصرفات السلبية وغير المسئولة مع المياه الجوفية غير المتجددة، كان هناك أيضا تجاهل خزان الماء الاستراتيجي للمياه الجوفية المتجددة.. جعلناه في مهب الريح (ماء وزراعة).. الخزّان الطبيعي (هبة من الله) يغطي المنطقة الأكثر مطرًا بالمملكة.. سبق وكتبت عنها.. ثم وضعت كتابًا خاصًا بها.. بعنوان: كيف نحول المطر إلى مخزون استراتيجي: بناء المستحيل؟! الخزان يغطي شريط مساحة نمو أشجار العرعر في قمم جبال السراة المطلّة على البحار وسهول تهامة، بارتفاع يزيد عن (2000) متر.. على أرض هذا الخزان تقع جميع (القُرى) في جبال السراة.. بعرض لا يزيد على (4) كيلو مترات. ¿¿ هذا الخزان يتعرض لتدمير شامل بفعل جرف تربته النادرة، وموت أشجاره التاريخية بشكل جماعي.. موت أشجار العرعر وبقية نباتات الغطاء النباتي، بسبب جرف التربة وتهدم النظم الزراعية والمائية التقليدية، مؤشر على تصحر منطقة الخزان.. على الجهات المسئولة توجيه جهودها، وطاقتها، وامكانياتها، ومواردها، لتحقيق حمايته، وتهيئته بالتشجير وبناء المدرجات وزراعتها.. أدعو لجعله محمية مطرية للزراعة الجافة. ¿¿ مشروع بناء الخزان بدأه المؤسسون الأوائل ببناء المدرجات.. بمواصلة بنائهم يمكن خزن أكثر من (40) مليار متر مكعب سنويا من مياه الأمطار، بأنظمة تحقق الأمن المائي والأمن الغذائي.. ميول صخور الخزان تتجه شرقا.. هذا يجعله المصدر الوحيد والمهم لتغذية المياه الجوفية الداخلية للمملكة.. هذا خزان الماء الطبيعي والغنيمة الوطنية.. سيكون رصيد الأجيال القادمة من الماء.. متى يُعطى الأولوية؟! ليت قومي يسمعون.