سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استهلاكنا من المياه يساوي ضعف تدفق نهر الفرات سنوياً.. وإنتاج محطات التحلية 15 يوماً يكفي لتسييل وادي الرمة نحتاج إلى خطة إستراتيجية كبرى للمياه للحفاظ على المخزون من الهدر اليومي.. السحيباني ل "الرياض":
8 % فقط من مياه الأمطار تكفي لأمننا الغذائي وشربنا بل تزيد.. إذا توسعنا في بناء السدود على الأودية وحول المدن الامطار التي تهطل على بلادنا الصحراوية القاحلة تضيع هباء مع اننا دولة تملك القدرات المالية والفنية للحفاظ عليها، وتضيع امكاناتنا هدرا في تحلية البحر، لنتوقف برهة عن البكاء على اللبن المسكوب "مياهنا الجوفية" ولنفكر قليلا بالبدائل الممكنة كي نزرع ما نأكل بأنفسنا، ومع الأسف ان كل الصراخ والتهويل بدهياء مظلمة ستحل بنا اذا استمر تدفق مياهنا الجوفية، فتدفق المياه الجوفية يذهب لزراعة الاعلاف التي يذهب معظمها لقطعان ابل تهيم في الصحراء لا تستخدم لاي (امن غذائي) بل لتدخل في سباق محموم على مزاين الابل. في هذا الاطار يقول عبدالعزيز بن محمد السحيباني كبير المهندسين بامانة منطقة القصيم في حديث ل "الرياض" لم يتطرق احد الى ان امننا الغذائي من القمح، يمكن تحقيقه بسقي مزارع القمح ثلاث مرات في السنة توازي اقل من عشر ما يتم استهلاكه في انتاج اعلاف للابل. لم يتطرق احد الى ان معظم حاجتنا اليومية من الغذاء هو من الخضراوات " قرع - كوسة - طماطم - باذنجان- ورقيات" يمكن انتاجها في مزارع صغيرة جدا تستهلك كميات ضئيلة من المياه التي لا تصل الى مخزوناتنا من المياه الجوفية. لم يتطرق احد الى الكميات الهائلة من مياه الامطار التي تهطل على بلادنا سنويا، والتي تصب مياهها كالانهار الجارية في البحر الاحمر فتضيع هباء يتم صرف مليارات الريالات سنويا "لتحليتها بعد ان تختلط بمياه البحر المالحة" ثم تضخ مرة أخرى الى المدن بمسمى "مياه الشرب". م. عبدالعزيز السحيباني استهلاكنا من المياه يوازي ضعف تدفق نهر الفرات يقول السحيباني نسمع ونقرأ دائما هذا اللهاث المحموم حول العطش واننا بلد صحراوي لا توجد فيه انهار، لكن العجيب، هو ان ما نستهلكه سنويا من المياه "90% لاغراض الزراعة" يوازي ضعف تدفق نهر الفرات في العراق، حيث ان استهلاكنا السنوي من المياه يبلغ حوالي 18 مليار متر مكعب، وتدفق نهر الفرات يبلغ 9 مليارات متر مكعب، وهي مقارنة لا يمكن تصديقها الا عند قراءة الارقام، فنحن نستهلك مياها اكثر من البلدان النهرية، ولكن السؤال المؤلم هو لماذا تستخدم هذه المياه، الجواب المؤلم ايضا هو ان 90% منها تضخ لمزارع في مجاهل الصحاري لزراعة اعلاف تذهب لاطعام قطعان الابل التي تدخل في سباق محموم على المزاين لترتفع اسعارها بشكل جنوني، ويوجد سوق لشراء هذه الاعلاف، مادام ان هذه الابل تباع بملايين الريالات، وفي نشاط لا يضيف شيئا لناتجنا القومي بل يزيد من التضخم في السلع الاستهلاكية وخاصة اللحوم. مياه "الشرب" ليست للشرب بل لغسيل الغبار والسيارات يتسأل السحيباني عن المياه التي تضخ من محطات التحلية تحت تسمية "مياه الشرب" وتبلغ حوالي 3 ملايين متر مكعب سنويا هل هي للشرب فعلا.. الواقع انها تذهب لغسيل المنازل التي يغطيها الغبار معظم ايام السنة، ولا يجد المواطن بديلا لغسلها الا مياه الشرب. الواقع انه يتسرب منها ما يزيد على 40%، بسبب تهالك معظم الشبكات، وتتسرب تحت الطرق لتتلفها ويعاد انشاؤها مرة اخرى ونحن نشتكي لماذا تدمر الطرق داخل المدن والسبب هو ان مياه (الشرب) تسيل فوقها وتحتها، حين يتم غسل افنية المنازل بها، وتحتها حين تتسرب دون ان يشرب السكان منها قطرة واحدة ثم ننفق المليارات سنويا مرتين مرة لتحلية المياه، ومرة اخرى لاصلاح ما دمرته هذه المياه في شبكات الطرق في مدننا. كيف انقلبت المعادلة وكيف حاد الهدف عن الطريق، وهي في حقيقة اخرى لغسيل ملايين السيارات التي تغص بها المدن حين لا يجد المواطن وسيلة غيرها للنقل. كيف يقارن استهلاكنا للمياه مع مدن اوروبا التي تشهد امطارا معظم ايام السنة. ولا ترى الغبار، ولا يوما واحدا في السنة وتغسل منازلها وشوارعها مياه الامطار بشكل شبه يومي، ولا تشهد حرارة تتوقد منها الرمال والاحجار وتزيد من استهلاك المياه, وتزيد من نسبة التبخر, معايير المقارنة غير متوازنة اطلاقا. استخدام الطرق التقليدية في الري يخسرنا الكثير من المياه إنتاجنا من مياه التحلية 15 يوماً يكفي لتسييل وادي الرمة يضيف السحيباني أن وادي الرمة ذلك الوادي العظيم الذي يخترق شبه الجزيرة العربية من غربها الى شرقها، نراه يسيل في كل حين وفي بعض الاحيان يتحول الى (نهر مؤقت).. ويقول: هل تصدقون ان انتاجنا من مياه التحلية لمدة 15 يوما فقط يكفي لاسالته على طول مجراه لمسافة 300 كم، وهذا على افتراض ان عمق الماء 30 سم وان المياه المفقودة بنسبة 85% من المياه واليكم الحساب: 300,000م ×100 متر(عرض مجرى المياه)× 30 سم (عمق المياه) =9 ملايين متر مكعب انتاجنا اليومي من مياه التحلية =4 ملايين متر مكعب لمدة 15 يوما =15×4 مليون متر مكعب = 60 مليون متر مكعب وحددت 15 يوما على افتراض ان الفاقد (بسبب التبخر وامتصاص التربة) بنسبة 85%. اما نظريا (أي بدون فاقد) فان انتاجنا لمدة يومين فقط يكفي لتسييل وادي الرمة. شبكة لمياه الشرب وشبكة لأغراض الاستخدام المنزلي من المقترحات التي يسوقها السحيباني لوزارة المياه، ان يتم وضع شبكة لمياه الشرب باقطار صغيرة، وشبكة اخرى للاستخدام المنزلي مثل غسيل المنازل والسيارات والاواني وتكون اقل تكلفة في عمليات التحلية فلا يقارن مياه للشرب مع مياه لغسيل الغبار والرمال، وهو ما تطرقت له سابقا فبدلا من الهدر اليومي لتحلية مياه اما مهدرة في الشوارع او متسربة تحتها فمقابل هذا الهدر يتم انشاء هاتين الشبكتين وستقل تكلفة التحلية وماتحتاجه من طاقة ومحطات بشكل كبير محطة تحلية احتياطية كل دول العالم المتقدمة تضع خططا احتياطية للطوارئ وخاصة مياه الشرب، والكهرباء اللتين لو انقطعتا لكانت كارثة كبرى، ومن المؤسف انه لا يوجد محطات تحلية احتياطية في حالة العطل، فالحريق الذي حدث الاسبوع الماضي يمكن - لا قدر الله - ان يكون كارثة تسبب انقطاع المياه عن مدن كبرى وهذا ما يدعو الى التحرك بجدية لبناء محطة تحلية احتياطية، يكفي انتاجها اليومي لتغطية ما يتم تغذيته لمدن المنطقة الغربية، ولا تعمل الا في حالات الطوارئ، ويتم تشغيلها لمدة شهر على الاقل سنويا لتسييل وادي الرمة، اجزم ان الكثيرين سيقولون ما هذا بدون تفكير، واعود فأقول ان المطلوب ليس مياها للشرب، بل لاغراض الاستخدام المنزلي أي تحلية بنسبة 50% او اقل من عمليات التقطير والتحلية المكلفة للوصول الى مياه محلاة بنسبة 100%. ان وجود محطة احتياطية على البحر الاحمر ضرورة قصوى وملحة يجب ان يتم التفكير والتخطيط لها على اعلى المستويات واقصد بذلك مجلس الشورى ومجلس الوزراء الموقر. آلية للاستفادة من مياه الامطار يسوق السحيباني في حديثه ل "الرياض" آلية للاستفادة من مياه الامطار ويقول كيف نلجأ الى تحلية المياه وقد انعم الله على بلادنا بنعم لا تعد ولا تحصى، فهناك اكثر من 227 مليار متر مكعب من المياه العذبة من مياه الامطار تهطل على بلادنا سنويا، وقد يكون من المنطقي عدم القدرة على الحفاظ عليها في صحراء رملية، ولكن من غير المنطقي ان نراها سنويا تهدر كالانهار لتصب في البحر لتصبح ملحا اجاجا ثم نلجأ الى تحليتها مرة اخرى بمليارات الريالات سنويا لتذهب هدرا مرة اخرى في الطرق والشوارع لغسيل الافنية التي يملأها الغبار. لقد منح الله بلادنا طبوغرافية فريدة تمكنها من الاستفادة من مياه الامطار بل انه يمكن (حصدها) لتكون نهرا جاريا. في الغرب جبال السروات العالية التي تهطل الامطار بغزارة عليها كل عام ثم تنحدر شرقا وغربا، وفي شرقها الدرع العربي الذي لا يسمح بنفاذ هذه المياه الى باطن الارض لتسير بميول قوية الى الشرق عبر الاودية التي اشهرها وادي بيشة، ووادي الرمة الذي يخترق هضبة نجد ويصب في هذه الاودية فروع كثيرة من الشمال والجنوب، وانني هنا انادي بالحفاظ على هذه المياه المهدرة وذلك بوضع استراتيجية للاستفادة منها في سقي المدن وفي الزراعة (المطرية) حسب الآتي: في بعض المناطق وخاصة هضبة نجد وجنوب المملكة يمكن استخدام اسلوب الزراعة (المطرية ولا أقول البعلية حيث ان هناك شبهة جاهلية باستخدام هذه الكلمة) وذلك بزراعة القمح حيث انه محصول شتوي لايحتاج الى اكثر من ثلاث مرات سقيا ويمكن دعم مثل هذا النوع من الزراعة عن طريق تأمين البذور نظرا للمخاطرة الكبيرة في هذه الزراعة في حالة عدم هطول الامطار، ويمكن ان تتولى مديريات الزراعة بمناطق المملكة هذه الاستراتيجية وتحدد مساحات هذه الزراعة حول كل مدينة لسد جزء من حاجتها من القمح الذي هو السلعة الاستراتيجية الاهم في امننا الغذائي. غسل افنية المنازل بمياه التحلية من المشاهد المألوفة يوميا لاهدار المياه التوسع في بناء السدود على الاودية حيث اثبتت نجاحها الباهر في جنوب المملكة (مثال على ذلك سد وادي بيش) الذي يختزن كميات تفوق انتاج محطات التحلية ويغذي منطقة جازان ويستفاد من مياهه للزراعة على جنباته، فهو خزان مياه جوفية ولكنه علوي على سطح الارض، واقترح ان يتم بناء سدود ضخمة على الاودية حول المدن، فان كانت واقعة على الدرع العربي فيستفاد منها لسقي المدن، وان كانت خارجه فانها ستزيد من مخزون المياه الجوفية التي تسحب بدون تعويض. يمكن لمياه الامطار ان تقلب معادلة سحب المياه الجوفية، وكمية التغذية التي تقل عن السحب حيث ان السحب السنوي يزيد على 18 مليار متر مكعب تمثل الزراعة 95% منها، وبالتالي اذا تم تحقيق كمية تغذية بالمياه الجوفية تعادل كمية السحب، فيمكننا ان نزرع القمح والنخيل، وان نحقق امننا الغذائي بدون استيراد وهذا يتم بتغذية هذه المياه بعد خزنها في السدود لطبقات المياه الجوفية أليست متكونات المياه الجوفية خزانات طبيعية للمياه اوجدها الخالق سبحانه وتعالى في جوف الارض لتحميها من التبخر وتبقى مئات السنين محفوظة فيها، اننا نملك الامكانات المادية والتكنولوجية والبحثية التي يمكن ان تقلب المعادلة وتحقق امننا الغذائي واقصد بذلك مركز الامير سلطان لابحاث البيئة والمياه والصحراء وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وغيرها. قد يقول الكثيرون ان مياه الامطار تتبخر بسرعة فنحن بلد صحراوي شديد الحرارة وهذا صحيح ولكن كل شيء نسبي فاذا كانت كمية مياه الامطار الهاطلة سنويا 227 مليار متر مكعب وفقد منها 92% (في التبخر وتسربها الى طبقات التربة وغيره) فلو استطعنا الاستفادة من 8% فقط منها فهذا انجاز خارق وخيالي ويمكن ان يحقق امننا الغذائي وان نستمر في سحب المياه بدون قلق (8% تعادل اكثر من 18 مليار متر مكعب) وهي كمية الاستهلاك السنوي للمياه لدينا. وأخيرا فاننا امام هم وطني كبير قد يكون الهم الاول قبل النفط، وهو تحقيق مصدر آمن لمياه الشرب والزراعة التي تحقق الامن الغذائي واتمنى ان نرى مشروعا استراتيجيا ضخما للاستفادة من مياه الامطار، وبناء محطات تحلية احتياطية على اعلى المستويات يتدخل فيه مجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الاعلى.