لا توجد أقدار مؤبدة تحكم مصيرنا.. التغير سنة الحياة؛ فلا شيء يبقى على حاله.. المآسي، الأفراح، السلطة الوظيفية، حتى الفقر والغنى متقلبة في حياة البشر كتقلب الليل والنهار.. والاقتراب من فهم هذه الحقيقة يعيننا على التعاطي مع تغيرات الحياة.. هناك تغيرات جذرية تفرضها الظروف علينا، ومحاولة التكيف معها تعتبر طريقة للتخفيف من مضاعفاتها، لكن هناك بشرا لا يقبلون الانصياع بسهولة لأحكام الظروف، وكلما أذاقتهم الأيام قسوة ومرارة ازدادوا عنادا لمواجهتها وتحديها.. العناد سمة عقلية ونفسية سلبية إلا في بعض الحالات التي تجعلك تدخل معركة التحدي مع الصعوبات ببأس شديد.. على كل حال الحياة أحيانا منصفة حتى مع أولئك الذين لا يحترفون صفة الإصرار والتحدي و«العناد الأبي»؛ فالدنيا تقايض الناس بطريقتها العادلة، تُعطي أياما ثقيلة ومريرة مقابل أخرى لها حلاوة الشهد.. الدنيا تداول النجاحات والخسارات، والزمن يقتص لناس، ويكرم آخرين، ويذل من يستحق ذلك.. لكن ليس عليك التفكير في تحري هدايا القدر الجميلة أو التوجس من فواجعه الأليمة أو تترقب دورانه في حياة الجبابرة بعجل.. عليك تعلم فن الثبات وعدم الجزع.. نحن نعتقد ان شعور الجزع لا يظهر إلا وقت المصائب العِظام، لكن الحقيقة انه يبزغ فجأة في حياة اي انسان وفي خسارات قد تكون بسيطة في نظر آخرين لكنها مكلفة جدا في حياته، ولا يمكن ان يفهم او يقدر قيمتها الثمينة سواه.. عموما ما يجعل تخطي الآلام أو الخيبات أكثر مرونة أن لا ترفع سقف توقعاتك في مردود الأفعال التي تقوم بها لأجل الآخرين.. لا ترفع سقف توقعاتك في الآخرين مهما بلغ حسن ظنك بهم.. صحيح ان جزءا من متعة الحياة والصحة النفسية ان تجد نفسك على الأقل تثق بشخص واحد في حياتك، لكن احذر المجازفة برفع سقف ثقتك في الآخر، فهذا النوع من الثقة كمن يدخل بثقل ماله في مشروع كبير إذا خسره سينتهي ماليا واجتماعيا وربما صحيا بخسارته.. أخيرا، كن متيقظا دائما تجاه ذاتك واعرف مواضع كسرك فلا تخذل أحدا، ولا يكسرك خذلان الظروف.. باختصار حاول ان لا تجزع ولا تعجل على مداولة الأيام، تعلم الثبات والقدرة على الاستغناء حتى تحترفها.. لا شيء يستحق حزنك أو سخطك وأنت تملك صحتك وعقلك ووقوفك على قدميك، ولا شيء أهم من هذا سيجعلك سعيدا إن فقدتها.. لا تهزمك لحظات الضعف والحاجة و«لا تغرنك اللحظات التي تبدو فيها قويا وناجحا جدا».. ستقلبك الحياة بين حزن وفرح، بين ضعف وقوة، ولا شيء سيبقى..