الدخول في دائرة الإحباط واليأس تجعل الفرد لا يستطيع الخروج منها، كالغريق في البحر الذي أضاع كل الجهات الموصلة لشاطئ، مما يجعله يبحر أكثر في أمواج الغضب والإحباط، ومن ثم الاستسلام ليصبح غريق أو شهيد البحر أو الحياة، ولا يجيد الآخرين إلا الترحم عليه في كلتا الحالتين. *** هكذا تفعل بنا الهموم والظروف والمواقف المؤلمة التي نتعرض لها، لكن علينا الانتباه أن كل هذه الظروف والمواقف ليست هي السبب الحقيقي في دخولنا لدائرة الإحباط واليأس، بل نظرتنا لكل ما ذكر من ظروف ومواقف، هل نظرتنا إيجابية متفائلة أو العكس تماما، عندما تكون نظرتنا سلبية ومشاهدة كل ما يحدث بسوداوية حتما ستكون النتيجة هو غرقنا أكثر وأكثر. منذ وجدت الإنسانية هناك عقبات وتحديات هكذا خلقت الدنيا، ليس غريبا أن نفقد أحدا، أو ننتقل من مكان لمكان طلبا لرزق، أو أن نمرض، أو أن نحزن، وليس غريب أن يصادفنا عقبات خلال مسيرتنا في الحياة، هي سمة من سمات الكون كالليل والنهار يتعقبان، لم تصفُ الدنيا لأحد، جميعنا يمر بظروف قاصمة مربكة، لكن دور الوعي والمعرفة والإدراك جدا مهم بحقيقة هذه الظروف والتعامل معها في كيفية القضاء عليها أو تجاوزها، ولن يأتي إلا بالنظرة الإيجابية المتفائلة والتصرف بحكمة وتروي بعيدا عن ردود الفعل المتطرفة أو الغاضبة، وهذا ما نشاهده لدى الأشخاص المتفائلين عندما يحاولون تصغير وتحجيم كل عائق وظرف والبحث عن حلول بطرق أكثر إيجابية، وعدم الدخول في دائرة الغضب أو ردة الفعل المستعجلة. *** من الطبيعي عند المواقف أو الظروف المؤلمة يعاني الفرد ويتألم ويحزن، ويغضب لفترة من الزمن، ولكن الخطورة عندما يستمر في دائرة الإحباط فترة طويلة من الزمن، يبدأ بإسقاط هذا الألم على نفسه أو على الآخرين، وهنا لابد المحاولة مرة ومرتين حتى يستطيع الخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسائر الممكنة وذلك لن يأتي إلا بالنظرة الإيجابية والتفاؤل الايجابي، لأن الإنسان يمتلك مقومات وأسس في الحياة خلق وفطر عليها من تحدّ وإصرار وعزيمة. *** نجد أن النظرة الإيجابية المتفائلة واستخدام التفكير المنطقي العقلاني، يجعل الفرديشاهد حقيقة هذه الظروف ومعرفة كيف يتعامل معها بقوة وإصرار، والبحث عن حلول وإن بدأت صغيرة أو قليلة، مما سيجذب كل شيء إيجابي له ويبدأ بدخول في دائرة النجاح أو تخطي الألم، وهناك طريقة يستخدمها الأذكياء ومن يمتلكون النظرة المتفائلة، هي إظهار مشاعر الألم، أو التحدث بصوت عال من ماذا يعاني، أي يشاهد كل هذه الظروف أو المواقف أمامه لا يتجاهلها، بل يتعرف عليها من أين بدأت، ولماذا أتت، وما هي الرسالة منها، ثم يتعرف على أسبابها وهنا أحيانا تكون أسباب خارج قدرة البشر بل هي من القدر كوفاة مثلا، عليه أن يتأمل الحال والأحوال ومعنى الصبر والمقاومة والنهوض مرة أخرى، وأحيانا تأتي الأسباب من صنع الفرد نفسه وأخطائه المتكررة أيضا عليه تأملها ومواجهتها ومعرفة أسبابها ومحاولة تخطيها والبداية من جديد، وهذا يتطلب مواجهة حقيقة أفكارنا ونظرتنا لأنفسنا وكل الأمور في حياتنا، هل أفكارنا إيجابية مقبلة محبة للحياة أم أننا للأسف أسيرين المخاوف والقلق والتوتر والتضخيم والتشاؤم، فنقع بين التأسف على الماضي أو التخوف من المستقبل، ونضيع أو نتجاهل اللحظة الراهنة التي هي أساس الفعل والحركة والحياة وهذا ما نطلق عليه (الوعي). للأسف نفتقد لحظاتنا الحالية وجمالها بسبب النظرة السلبية والدخول في حالة إلا واع التي تجعلنا نبحر أكثر بالهموم والخوف والقلق وتبعدنا عن إيجاد الحلول فتجذب كل سلبي لحياتنا دون الشعور بخطورة ذلك. نجد ذلك القلق في تربية الأبناء، في طلب الرزق، في الوظيفة، حتى للأسف في الإجازة حتى ضاقت الحياة فينا، نجده في تبادل الأعيرة النارية في الحوارات والمناقشات في بيوتنا وأصدقائنا وقنواتنا، كل ذلك منبعه النظرة السلبية، والمخاوف والقلق وضيق الأفق لبعض منا. *** النظرة الإيجابية المتفائلة لكل ما يحدث في حياتنا، تخلق بيئة متوازنة تعرف كيفتتصرف في أهلك الظروف، تبحث عن الأسباب بتروّ وهدوء ومنطق، ثم تجد الحلول الممكنة والمتاحة، لأنها إيجابية لا تعبث بسلبيات والتكتل والحجج والتباكي على الأطلال الماضي أو التشاؤم من المستقبل. فالنعش حياة إيجابية متفائلة. @haifasafouq