قامت حياة البعض منا على أمثال صاغها لنا آباؤنا واجدادنا وأصبحنا نتناقلها جيلا تلو جيل حتى اقتنعنا بها، وسبق ان ذكرت ان التكرار يولد هذا الأمر (القناعة والتصديق) حتى وإن كان خاطئا. ومن الأمثال التي كادت تقتل طموح الكثير ممن كبر بالسن ولم يحظ بفرصة التعليم في صغره فتخاذل في كبره كثيرا لان المثل يقول (العلم في الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر كالنقش على المدر)، والمدر هو: الماء. وهذا المثل للأسف ليس صحيحا ابدا والشواهد كثيرة في الوقت الحاضر، ومنها أن الكثير من العالم الغربي والذين تخطوا الستين عاما عادوا لدراسة الجامعة مع أبنائهم وتفوقوا عليهم بشهادة أعيننا والتي رأت من خلال مواقع التواصل الدرجات التي حازها الاب والام والتي حازها الابن، ناهيك عن اعتراف بعض الأبناء ان دراسة آبائهم معهم كان لها دور كبير في الفهم لأن الاب والأم كانا اكثر تركيزا وأعمق فهما لكثير من الامور. والعكس صحيح. كم وكم من الابناء وصغار السن لم يستطيعوا إكمال دراستهم تعثروا كثيرا وآثروا العمل على اكمال الدراسة، لذلك أدركت ان هذا المثل السلبي عار عن الصحة، وحين بحثت وقرأت وقعت على دراسة من جامعة هارفرد مفادها أن الذي يهرم هو الجسد وليس العقل بل على العكس العقل يظل في شباب دائم طالما اننا حافظنا على امور كثيرة منها بالطبع الأكل والذي إن اعتمد على الاوميقا 3 فالعقل في صحة دائمة، ناهيك عن التمارين التي تساعد العقل على العمل الدائم وتحسن من التذكر، بالإضافة الى ان التكرار للمعلومة أو ربطها بحدث متكرر يجعل هذا الامر ينتقل للمخزن الأساسي للعقل والذي نستطيع استرجاعه حين نريد ذلك، ولكن ما جعلني حقا أشعر بالأسى أن الدراسة أثبتت أن التأمل هو من افضل الأمور التي تعين على نمو العقل وبقاء شبابه وإدراكه وقوة حفظه واتساع ذاكرته وهذا الأمر بالأصل ذُكر بالقرآن في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) 21 الذاريات، وقوله تعالى (..ويتفكرُون فِي خلقِ السماواتِ والأرضِ ربنا ما خلقت هذا باطِلا سُبحانك..) آل عمران 90-91، والكثير من هذه الآيات ونحن في ابتعاد عمن خلق هذا الجسد وهو أعلم به واقتنعنا بالدراسات والبحوث الإنسانية للأسف. وأخيرا.. اتركوا عنكم الأمثال السلبية .. عودوا للقرآن، عودوا لكلام خالق السماوات والارض حتى تكونوا دوما وأبدا بعيدين عن كل أذى واكثر ثقة بما حولكم.