يا أهل المنطق، أنا لست منه، اتركوني وشأني، فأنا أعني الكثير ولا يستغنى عني، فأنا أرافقكم في كل حين، لكن حذاري أن تحيدوا عن جادة السبيل الذي هو يعني الخير، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ان تقعوا في المهالك ان رغبتم عما ينفعكم لأنكم اتخذتموني مسلكا فيما تريدون في الحياة من نوايا واعمال، وجعلتموني مفتاحا لهما فأنا براء من هذا السلوك وأدعوكم لتركه، فلا تجعلوني كما قال عدوكم اللدود ابليس في قوله تعالى في الآية الكريمة «ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي» سورة إبراهيم آية 22، أي بنفعكم ومنقذكم ولا أنتم بنافعي ولا بمنقذي، هذه هي الرغبة وشأنها وعلينا توخي الحذر التي هي لا تأتي الينا ولم تحلم قط ان تدغدغنا ولم يجر في غمارها انها ستكون سيدة لعقول تتخذها مرسى للنجاة او الهاوية لان لها وجودا في الذات ولا تعرف من يأتي اليها في عقر دارها بحثا عما ذكرت في سياقه والتي هي سمة للعنصر البشري وديدنه حتى أصبحت تستحوذ على تفكيره بما في الحياة المملوءة بالمغريات الجمة التي من الصعب علينا احصاؤها. فهناك الرغبة للحصول على الشهادات العليا وتولي القيادات والحصول على السكن والمال الوفير للإعانة على متطلبات الحياة وان يكون عضوا فاعلا ذا مكانة مرموقة في المجتمع يشار اليه بالبنان، وان يكون يد بناء لا معول هدم لكل ما هو نافع للبشرية، وان يكون أبا لبناء اسرة.. قال تعالى في ذلك «وهديناه النجدين» سورة البلد آية 10 أي الخير والشر.. هذه الرغبة التي تطغي على الالباب وما يمليه عليها من الانتماء للانحراف او العدول عن الغرائز والمغريات كما وصفها الفيلسوف سبينوزا في كتاب قصة الفلسفة ل ديو رانت بقوله «ان الرغبة هي جوهر الانسان وهي عبارة عن شهوة او غريزة نشعر بها ولكنها لا تعمل دائما عن طريق الرغبة الواعية» اذاً هذه هي الرغبة التي نعول عليها نجاحنا وفشلنا ثم نرميها بكل الاتهامات دون ان نُحكِّم العقول والآراء فيما يعود علينا من فائدة ونبرئها من هذا وذاك دون استغلال، لماذا؟ لأنها ليست من الناطقين لكي ترد على المنطقيين ليكفوا عما ينسب اليها، فهل يكون ذلك ونعمل بها من جانب واحد الا وهي الرغبة النقية فيما نكنه وننشط فيه لتكون الحياة سعيدة وهانئة بالرغبات الفاضلات المنجيات من عقاب المولى عز وجل، وما اريد الا الإصلاح.