من أصعب ما يواجه الإدارات في أي مؤسسة ثقافية اضطلاعها بتجهيز مقر لائق لمنسوبيها ولجمهورها وللمعنيين بشأنها، وهذا ما يواجه إدارات الأندية الأدبية السعودية خلال هذه المرحلة من عمر تكليفها، وتتضاعف صعوبة هذه المسألة كون مجلس الإدارة سيتحمل مسؤولية المبنى مسؤولية كاملة على مستوى التصميم، وعلى مستوى الصرف المالي، وعلى النتيجة النهائية التي سيكون عليها مبنى هذا المقر أو ذاك. أما العقبة الأصعب التي سيواجهها مجلس الإدارة المكلف مسؤولية بناء مقر ناديه فهي أمزجة المثقفين المتقلبة، ومطالبهم التي لا تحدها حدود، فمن المعروف بداهة أن المباني على قائمة مطالب الأديب والفنان والمبدع، لأن حلمه الأول توفره على بيئة ملائمة وأجواء مناسبة تحتضن عطاءه وإبداعه وإسهاماته، في ذات الوقت فإن للأدباء حساسيتهم الغريبة، التي قد تهدم مشاريعهم وتغير مواقفهم لمجرد اختلاف في وجهة نظر، وهذه مسألة شهدناها كثيرا مما يزيد المسألة تعقيدا وصعوبة على مجالس إدارات الأندية الأدبية. رغم هذا وذاك تجاوزت إدارة نادي الأحساء كل هذه العقبات ونسجت من تطلعات أدباء هذه المدينة الجميلة الوادعة واقعا يُرى وحقيقة تُشاهد، فلا سعادة توازي أن نحتفل جميعا بافتتاح صرح حضاري ومقر ثقافي ومبنى أدبي كهذا الذي تبتهج الأحساء بافتتاحه صباح هذا اليوم. يبقى حجم التطلعات كبيرا، والطموحات أكبر فالأحساء ستمسي على مقر الأدب الجديد، وهنا فإن هذا الصرح الثقافي الأنيق سينتظر من مثقفي وأدباء الأحساء تفاعلا وحضورا أقوى، حيث لا حُجة لمن يتحجج، خاصة وأن وجود هذا النادي كان مطلبا أحسائيا أساسيا، وعلى مدى سنوات وسنوات، فتحقق النادي تأسيسا وتحقق مقره أيضا، ورُميت الكرة في ملعب المثقف والأديب والمهتم، كي يلقوا بخلافاتهم جانبا ويبادروا بجعله منصة أصواتهم، وحلقة منتدياتهم، ومنارة صولاتهم وجولاتهم الإبداعية. بقي أن أسجل للتاريخ حقيقة لا يعلمها الكثيرون، وهي الدور الاستثنائي الذي شهِدته بنفسي لرئيس النادي الدكتور ظافر الشهري في انجاز هذا المعلم الأدبي الأنيق، فقد استحال أولوية في مسؤولياته، حرصا منه على إنجازه في حينه وعلى الشكل المطلوب، فشكرا لمن اجتهد وبذل معه، من أجل أن يتزين الوطن عامة والأحساء خاصة بصرح ثقافي أدبي حضاري مُبهج، وما أحوجنا اليوم لمثل هذه المشروعات والصروح التي إن زالت الأسماء وتبدل الأشخاص تبقى شامخة لخدمة أجيال هذا الوطن ورصيدا لإبداعات أبنائه.