أعادت وفاة الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني الجدل السياسي الداخلي الإيراني وعلاقات ايران الاقليمية من جديد إلى صدارة الاهتمامات في المنطقة خاصة مع فرضية أن وفاته ستضعف قوة الرئيس روحاني والذي يمثل الجناح الإصلاحي في الانتخابات الرئاسية والتي ستجرى بعد خمسة أشهر. على مستوى الاقليم والعالم سعى رفسنجاني منذ اختياره لرئاسة البلاد إلى تشكيل آليات للانفتاح وإدماج إيران مع النظام الدولي. وهذه المرحلة التي طالت 8 سنوات (1989-1997)، كانت مرحلة تحول في موقف الخميني من «لا الشرق ولا الغرب» إلى «نعم للجنوب والشمال». وفي هذه الفترة، اقترح رفسنجاني مع انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية وإقامة تعاون دائم معهم. الفترة الرئاسية لرفسنجاني والتي وُصفت ب«الجمهورية الثانية»، شهدت ليونة في الخطاب الإيراني الأيدولوجي التصادمي، وبدأت إيران تتبع سياسة خارجية أكثر تقاربا اتسمت بالإصلاح والبرجماتية. السياسة الخارجية الإصلاحية لرفسنجاني ما بعد الخميني كان تهدف إلى زيادة الحجم التجاري وتعزيز الحوار الدبلوماسي مع دول المنطقة وفي مقدمتها دول الخليج وخاصة السعودية، ويمكن اختصار السياسة الخارجية لإيران خلال فترة رئاسة رفسنجاني بأنها كانت تهدف إلى التغلب على المشاكل التي نتجت عقب سنوات الحرب الثماني مع العراق وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع العالم الخارجي بعد التجربة المريرة لسنوات الحصار. برحيل الرئيس الايراني الاسبق هاشمي رفسنجاني طويت صفحة هامة من تاريخ العلاقات الخليجية/ السعودية- الإيرانية والتى يمكن تأريخ أحد أهم مراحلها ب«مرحلة رفسنجاني، ومرحلة ما بعد رفسنجاني» حيث كان لشخصية الرئيس رفسنجاني السياسية والعائلية بالغ الأثر على مسار العلاقات الثنائية بين الرياضوطهران وكافة العواصم الخليجية، وربطت الرئيس الراحل وعائلته «خاصه ابنه مهدي وابنته فائزة» علاقات سياسية وشخصية مع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز حيث كان ضيفاً عليه في يونيو 2008 بصفته رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث بذلت جهود آنذاك للحوار السعودي الايراني والسني الشيعي، وتلا ذلك اختيار الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وزير الثقافة في عهد الرئيس محمد خاتمى وأحد المقربين من الرئيس الاسبق رفسنجاني وهو د.سيد عطاء مهاجراني عضوا في مجلس إدارة مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان وبين الثقافات. خليجياً أفضل من وصف مكانة الرئيس رفسنجاني السياسية كان د. أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية «وفاة علي أكبر هاشمي رفسنجاني أحد أصوات الواقعية السياسية والاعتدال الإيراني»، وهذا التوصيف يمثل ما يشبه الاجماع النخبوي الخليجي على شخصية رفسنجاني وخاصة من قبل المدرسة التقليدية الدبلوماسية، من جهه أخرى كان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة- والذي تتهم بلاده طهران بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة تفجير الاوضاع الامنية- اول من قدم تعازيه في وفاة رفسنجاني على صفحته في تويتر وكأنه يحفظ جزءا من الود لشخصية سياسية كان له دور ايجابي في العلاقات الخليجية الإيرانية يوما ما. صحيح ان الرئيس رفسنجاني كان يعمل باخلاص لتحقيق مصالح بلاده اولاً واخيراً إلا انه كان من المؤمنين والداعمين لضرورة استمرارية العلاقات الخليجية- الايرانية بغض النظر عن الخلافات الثابتة أو الطارئة.