جاء في إحدى الصحف المحلية خبر طريف وجميل.. نقتطف منه ما يلي: (قرر رجل أعمال هندي ثري صرف الأموال المخصصة للاحتفال بزفاف ابنته في بناء منازل للمُشَرّدين بدلا من هدرها على مراسم الزفاف. فقد خصص تاجر القماش والقمح (مونوت) أحد سكان ولاية ماهاراشترا الهندية مبلغا ماليا كبيرا للاحتفال بزفاف ابنته، ولكنه قرر فيما بعد تسخيره لمساعدة المحتاجين بدلا من إقامة حفل كبير. فبنى بالفعل 90 منزلا على مساحة فدّانين من الأراضي، وكلفه ذلك مبلغا قدره 220920 دولارا تقريبا. ودعم هذا القرار كل من العروس والعريس حيث قاما بنفسيهما بتسليم مفاتيح المنازل لأصحابها بعد حفل الزفاف). وقبل المضي في التعليق على هذا الخبر أود أن أشير إلى نقطتين هامتين في رأيي وهما: 1 هل هناك ثري أو رجل أعمال سعودي قام بعمل مشابه لما قام به هذا الثري الهندي.. بحيث ساهم في أزمة المساكن والإيواءات التي تتفاقم مع الأزمة الاقتصادية، وازدياد عدد السكان السعوديين؟ نعم.. هناك عندنا في الأحساء المشروع الخيري السكني الذي قامت به مشكورة أسرة آل الجبر الكرام ضمن سلسلة مشاريعها الإنسانية المتواصلة. وبالطبع هناك مشروع الإسكان الحكومي، ومدينة الملك عبدالله، ومشروع الإسكان الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في زيارته الأحساء قبل نحو شهر.. وغيرها من المشاريع الإسكانية التي تقوم بها الدولة ضمن المسؤولية السامية التي ترعاها وتتولاها وتنوط بها لأبنائها.. أدامها الله.. لكنني أعني هنا القطاع الخاص من الأفراد الموسرين، أو الشركات والمؤسسات..(عدا عائلة الجبر التي ذكرناها، وغيرها من العوائل في مناطق ومدن أخرى من المملكة، والتي قد لا نعرفها بعد). نعم أقصد أباطرة المال الذين يبذخون المليارات في مناسبات طائرة وسطحية وتافهة وفي غير مناسبة ايضا.. في الوقت الذي ينوء آلاف من شباب وطننا بالديون والأسلاف والقروض والأقساط الشهرية ويقضون ثلثي أعمارهم في التسديد.. والبحث عن سكن، أو العمل الدؤوب لجمع مبلغ لثمن الأرض، ثم مبلغ آخر لبنائها بيتا لهم ولأسرهم.. ألا يلتفت أولئك.. إلى هؤلاء.. ؟ فيساهموا في بناء الانسان قبل تعالي البنيان؟. هذا أمر.. 2 الأمر الآخر.. في الخبر السالف الذكر، وغيره من الأخبار المماثلة.. نلمس مثالا حيا على الوعي الذي يتمتع به الكثير من (الهنود) الذين نبدع في التنكيت والتندر عليهم، وضرب الأمثلة تلو الأمثلة والطرائف الساخرة عنهم، كما نسخر من أشكالهم ونصيغ آلاف التعليقات التافهة التي تحط منهم، ويصاحب ذلك أنواع مختلفة من الظلم والبغضاء لهم ولسواهم من العمالة الآسيوية بمختلف دولهم وأعراقهم بكل أسف . وهاهم يقدمون لنا بين آونة وأخرى بشكل متقارب ما ينم عن وعيهم وذكائهم ودهائهم وتقدمهم. ولنا أن نتذكر نبوغهم في عدد من النواحي التقنية والسينمائية والنووية والمعمارية والموسيقية والفلكلورية والتاريخية والأدبية والفكرية والدينية والفلسفية والتجارية والبحرية والسياسية وغيرها كثير. وللقارئ الكريم أن يسرح بخياله فيجلب بعض الأعمال والرموز والحالات والصور والنتاجات الهندية القديمة والحديثة، للدلالة على ما نقول.. صحيح أن فقيرَهم فقير إلى حدّ الموت المُدْقِع، وغنيَّهم غنيّ إلى حد البطَر المُفْزع، ولا تلاقي بينهما.. يعني ليست هناك بينهما طبقة وسطى.. كما رأيت ذلك بعيني حينما زرت الهند وبقيت فيها أكثر من شهرين.. لكن مع ذلك كله تجد هناك بسهولة ويسر..مئات الجمعيات الاجتماعية التكافلية الكبيرة، ومتعددة البذل والخدمات التي يَُمَوّلها شخص واحد فقط.. أو أشخاص عدة.. إذن فمن قال لك ان (الهنود) هم (هنود) بالصورة النمطية الرمادية التي في أذهاننا عنهم؟ وأعود إلى الخَبَرفأقول: ليتنا نقرأ في الصحافة العالمية ذات يوم الخبر التالي: (أثرياء سعوديون يتنافسون في بناء مئات الشقق السكنية المجانية للمقبلين على الحياة..) ما أجمل المال إذا انساب كالماء ليروي ظمأ محتاج. زادكم الله بهجة ومالا حلالا وحياة طيبة. قارورة: هو الشوقُ المُعَذِبُ يا (هويدا) إليك بكل جارحة بروحي ! وحلم لا يفارقني نهارا ولا ليلا، وينكأ لي جروحي يشاغبني، ويأخذني بعيدا ويُسْلِمُني لوهم المستريح م. ج.