أعتقد ان اهم ما تميزت به اعلانات الميزانية ذهاب الدعم لمستحقيه ورفعه عن سواهم، وهذا في رأيي قمة الإنفاق الرشيد في الدعم. وسواء كان على المستوى الفردي للمواطنين أو على المستوى الصناعي والاقتصادي، فالدعم لن يذهب لغير من يستحقه، وفي ذلك حفظ للموارد، وفي ذلك تطبيق للصواب. على المستوى الفردي للمواطنين برنامج حساب المواطن يأتي كضمانة لعدم الإضرار بأي مستحق من الاصلاحات الهيكلية التي تمر بها بلادنا، وسيتم احتساب البدل بناء على الأثر المباشر وغير المباشر لتعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه وبناء على الأثر المباشر وغير المباشر المتوقع من الإصلاحات الاقتصادية الأخرى. كما سوف تؤهل تلقائيا جميع الأسر المستفيدة من برنامج المعاشات الضمانية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فهم أول المستحقين للدعم الحكومي، وبلا شك هم الأكثر حاجة. صناعيا سيتم توجيه دعم، ولكن بشروط سيتم الاعلان عن تفاصيلها قريبا، ويتوقع ان تدخل نسب السعودة والاهمية الاستراتيجية للمنتج لبلادنا، وتبني اعلى معايير الكفاءة في استخدام الوقود وغيرها من الشروط التي تضمن عدم ذهاب الدعم في غير مكانه. الدعم يكون للمحتاج وفق معايير محددة تضمن ذهابه لمستحقيه، وتضمن عدم هدره، فلا هو هبة، ولا هو هدية ولا هو خلاف ذلك. ولأنه دعم، فيجب ان يتم بذل ما ينبغي من الجهود لعدم استمراريته، وهذا يشمل رفع مستوى دخل الأسر المستحقة بتأهيلهم وتقديم ما يكفي لنهوضهم لمستوى يصبحون به غير مستحقين للدعم. ويشمل ايضا تطوير المصانع لتصبح ذات كفاءة تشغيلية لا تستحق معها الدعم، وفق اطر زمنية، حتى لا يصبح الدعم مع الوقت هبة مستحقة. وكل هذا سيتم ولا شك في ذلك. الدعم يوضع للفئة الأكثر استحقاقا، وهذه جوهرة تاج الميزانية المعلنة. وصرف المعونة لمن لا يستحقها بمثابة استقطاع جزء من مال كل فرد في بلادنا لاعطائه لمن لا يستحق، كما يعتبر توزيعا غير عادل لدخول بلادنا، ناهيك عن انه استنزاف غير مبرر ولا يمكن ان يدوم في أي حال كان. يجب أن يكون رفع الدعم عن غير مستحقيه دافعا لكل من استفاد منه للترشيد في استخدام الوقود، ويجب ان يقابله بذل في جهد التوفير في استخدام مصادر الطاقة سواء كهرباء أو مياه أو غيرهما. كما ينبغي ان تكون الآلة الصناعية في بلادنا والتي استفادت كثيرا من الدعم غير المقنن سابقا نموذجا في سرعة التأقلم مع الواقع الجديد الذي لا خيار لنا في تبنيه، ليس لشيء سوى انه لا يمكن لنا ان نرتقي بصناعتنا واقتصادنا بطريقة تضمن ديمومته من دونه. الدعم يقتضي ان يكون مؤقتا، ويقتضي العمل والاستعداد لساعة رفعه، بقاء الدعم الى ما لا نهاية تشوه لا يمكن له الاستمرار. سيرفع الدعم الذي كان يصرف لغير مستحقيه، ولا عودة لعقارب الساعة للوراء.