استحضر مهرجان «حكايا مسك» قصصاً من الكفاح البطولي، سطرها ضباط وجنود سعوديون مرابطون في الحد الجنوبي، يدافعون عن تراب الوطن ومكتسباته. وأظهرت قصص «حكايا.. مرابطون» التي صفق لها الجميع تقديراً واحتراما وإجلالاً لأصحابها. شجاعة نادرة وتضحيات جسام، كانت حديث زوار المهرجان، الذي أشاد بفكرة أن يكون للجنود البواسل وذويهم نصيب في المهرجان المقام حاليا على أرض معارض الظهران الدولية في الدمام. صمت الحضور، عندما تحدث فهد الزيلعي أحد المصابين في الحد الجنوبي، عن نضاله في الحرب هناك، وكيف أصيب في أحد أيام رمضان المبارك، ويقول: «أنا متزوج، ولدي خمسة أطفال صغار، تركتهم وزوجتي وأهلي، وذهبت للدفاع عن الوطن، فمن حسن حظي أن أكون أحد الجنود المرابطين في الخطوط الأمامية للقتال، بصحبة زملاء لي كانوا سعداء للسبب نفسه». ويواصل الزيلعي حديثه: «تعرضت لإصابة شديدة في الرأس واليد، إثر سقوط قذيفة علينا، في أحد أيام الشهر الفضيل، وتحديدا قبيل موعد الإفطار بدقائق معدودة»، مضيفاً: «عندما سقطت علينا القذيفة، لم أكن المصاب الوحيد، فقد تعرض ثلاثة جنود آخرون لإصابات متفاوتة، كنا قد اتفقنا فيما بيننا قبل الإصابة، أن يتناول اثنان منا الإفطار، فيما يراقب الآخران ساحة القتال، ثم نتبادل الأدوار، ولكن شاء الله أن نصاب جميعا في الهجوم، واستشهد أحدنا». واستجمع الزيلعي قواه وهو يتذكر ردة فعل والديه على إصابته «لمست فيهما صموداً وفخراً غير معتاد، ليس لسبب سوى أن هذه الإصابة وقعت لي أثناء الدفاع عن الوطن، كانا سعداء بي، رغم حزنهما الشديد على حالتي الصحية، أما عن نفسي، فقد كرهت إصابتي، لأنها أبعدتني عن ساحة القتال، ودعوت الله كثيراً أن يمن بالشفاء علي، حتى أعود لمشاركة زملائي شرف الدفاع عن الوطن». زوار بمسرح حكايا المرابطين قصة كفاح أخرى من الحد الجنوبي، انسالت تفاصيلها على لسان الشيخ غرم البيشي، الذي قرر أن يفعل شيئا لرفع معنويات الجنود البواسل هناك، ويقول: «قمت بأربع زيارات إلى الجنود المرابطين هناك، ووصلت إلى الخط الأحمر الذي لا يمكن أن أتجاوزه كزائر، وكان التواصل أحيانا بيني وبين أفراد الجيش عبر الجهاز اللاسلكي، لم أصدق نفسي وأنا أتحدث مع هؤلاء الجنود، الذين كانوا يتمنون الشهادة دفاعاً عن الوطن، الجميع كانوا يتمتعون بروح معنوية عالية ممزوجة بالعزيمة والإصرار على قتال الأعداء حتى آخر دقيقة في حياتهم، في هذه الأثناء تمنيت حقيقة أن أكون أحدهم». ويتابع البيشي: «في كل مرة أزور فيها الحد الجنوبي، كنت أتعرف على قصص بطولية نادرة، لضباط وجنود يرفضون الحصول على إجازات لزيارة أبنائهم وذويهم، ويصرون على البقاء في ثكناتهم، يدافعون عن الوطن». ويضيف: «رأيت بعيني أحد الجنود أصيب وأمر الضابط بعودته من ساحة القتال لتلقي العلاج، ولكنه رفض العودة، وأبى الا أن يكون متواجداً مع زملائه، الذين كانوا يصدون هجوما مباغتا للأعداء، ولم تمر ساعات إلا واستشهد هذا الجندي في ساحة القتال، فبكاه زملاؤه وأشادوا بجسارته وشجاعته النادرة». وعلى المسرح الرئيسي للمهرجان، اصطف ثلاثة من أبناء أحد الجنود البواسل في الحد الجنوبي، ليفاجئهم المذيع الداخلي للمسرح، بصوت أبيهم يأتيهم عبر الأثير. صمت الأبناء الثلاثة عن الكلام لثوان معدودة جراء المفاجأة، فبادرهم الجمهور الحاضر بالتصفيق الحار لهم ولأبيهم، الذي أكد أنه يشعر بالفخر والسعادة وهو يدافع عن تراب الوطن ضد المعتدين.