معارض الكتاب بوصفها فعالية ثقافية هي عرس للمثقفين والأدباء والكتاب والمفكرين والمؤلفين، وبالتأكيد ليسوا هم فقط من يفرحون بهذه المناسبات الثقافية الاحتفالية، بل إن هذا العرس المبهج ينشر بهجته إلى مساحات واسعة تفوق المدينة والدولة وحتى الإقليم، وتتجاوز فئات المثقفين إلى جميع فئات المجتمع بلا استثناء، إذ ان جاذبية الحرف والكلمة بين دفتي الكتاب ما زالت تحتل موقعاً في الصدارة جنباً إلى جنب وبشكل متواز مع الأوعية التواصلية التقنية والتكنولوجية، وهذا في حقيقته أمر لافت، فمن راهن على انقراض الورق أو الاحتراق المعنوي للكتب بفعل التقنية لا يزال يرقب الوضع عن كثب ويحاول بمراجعات ذاتية العودة إلى حيز الحكم المتوازن والموضوعي إزاء ما يشاهده من إقبال منقطع النظير على معارض الكتب والتسابق على اقتنائها. ولم يعد ممكناً تجاهل هذا الزخم الهائل المصاحب لمعارض الكتب الدولية داخلياً وخارجياً، وهو مؤشر على مستوى متقدم من الوعي وخاصة لجيل الشباب من الجنسين، وأياً كان الدافع لذلك الشاب او لتلك الشابة في المجيء والتجول في معارض الكتب، وأياً كانت اهتماماتهم في الاختيار، فالأمر يعطي مؤشراً إيجابياً على عافية ثقافية جديرة بالاهتمام والتعزيز والتأمل. ولقد كان ولا يزال معرض الرياض الدولي للكتاب يحتل تصنيفاً عالياً بين معارض الكتاب في المدن الخليجية والعربية في عدد دور النشر المشاركة أو في كثافة الجمهور المرتادين له أو في كمية المبيعات أو حتى في الجو الثقافي العام المفعم بتجاذبات سنوية تعطي لهذا المعرض بالذات نكهة خاصة ومؤثرة يعيش فيها الكتاب حالة موسمية زاهية مثخنة بالإنتاج التنافسي يقابلها احتفاء (الميديا) بشكل غير مسبوق تتركز فيه وتتمخض عنه هذه الحالة الربيعية من الأجواء الثقافية الاستثنائية التي تكون أحياناً مدهشة ومثيرة. وإن كان معرض الرياض الدولي للكتاب يبزغ نجمه في شهر مارس من كل عام، إلا أن مدينة جدة حظيت أيضاً بمعرض دولي سنوي للكتاب والذي لا تزال فعالياته مستمرة حتى الآن من شهر ديسمبر الجاري، وقد انتقلت عدوى النجاح والتميز من معرض الرياض إلى معرض جدة وهكذا هو الكتاب ينقل بهجته في كل مكان يحل فيه، فهو كالغيث أينما حل نفع، والمتابع لمعرض جدة سيلحظ التطور السنوي كماً وكيفاً لهذا المعرض الجميل، وكذلك مستوى الإقبال المتزايد عليه. ويبقى ليكتمل العقد أن تحظى المنطقة الشرقية بمعرض دولي سنوي للكتاب فعوامل النجاح والتميز في الشرقية مكتملة ومثالية أسوة بجميع مناطق ومحافظات المملكة، وكم سنسعد جميعا ونسر بهذه المناسبة الموسمية حين تنفذ وهي عرس ثقافي شرقاوي سيكون له قيمة إضافية على النجاحات التي تحققت ولا تزال تتحقق في الرياضوجدة. إن المثقفين في الشرقية وغيرهم من المهتمين يترقبون تحقق هذه الأمنية الغالية، فكثير منهم يشد الرحال سنوياً إلى معارض الكتب الخليجية والعربية ومعرضي الرياضوجدة، ولكن لا تسمح الظروف الشخصية والعملية لكثير منهم أيضاً أن يسافروا إلى هذه المعارض فيتحسرون على فوات هذه المناسبات الثقافية دون أن يكون لهم فيها نصيب من الحضور والمشاركة. إن وجود معرض دولي سنوي للكتاب في المنطقة الشرقية سيرفد الحركة الثقافية الزاهية في هذه المنطقة، وسيزيدها ألقاً وروعة وإبداعاً، بالإضافة إلى أن معارض الكتاب أضحت عالمياً تصنف ضمن المجالات السياحية المهمة والتي يطلق عليها «السياحة الثقافية»، وهذا جانب مشرق وجدير بالاهتمام. وأقترح أن تتولى أرامكو السعودية عبر مركزها الرائع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله-، أقترح أن تتبنى أرامكو المعرض الدولي السنوي للكتاب في المنطقة الشرقية تخطيطاً وإعداداً وإشرافاً وتنفيذاً، وأستشرف حين دراسة واعتماد هذا المقترح وتنفيذه أن معرض الشرقية الدولي للكتاب سينافس معارض الكتب العالمية مستقبلا إن لم يتفوق عليها، فهل تبادر أرامكو السعودية عبر مركزها العالمي وتقول: أنا له؟ نرجو ونتمنى ذلك عاجلاً غير آجل. * تربوي