تستعد الأسواق لاستقبال الإصدار السادس من العملة السعودية، التي أعلن عنها محافظ مؤسسة النقد السعودي، والتي سيبدأ التداول بها في 26 من هذا الشهر، حيث سوف يتم إحلال الريال المعدني تدريجيا محل الريال الورقي. ولن نخوض في أسباب إحلال العملة المعدنية مكان العملة الورقية، ولكن سنلقي نظرة على تاريخ نشأة الريال السعودي وتطوره كما جاء في موقع مؤسسة النقد السعودي. قبل دخول الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مدينة الرياض كان سكان جزيرة العرب يتعاملون بعدة عملات، وكان أشهرها التالر النمساوي أو ما يعرف بدولار ماريا تيريزا المعروف محليا باسم الريال الفرنسي، وكان يتعامل به أغلب سكان الجزيرة العربية وبعض الأقطار العربية، وهو عبارة عن قطعة نقد فضية كبيرة الحجم يبلغ وزنها أوقية واحدة، وبجانب الريال الفرنسي تم تداول أنواع مختلفة من النقود العثمانية الذهبية والفضية والنحاسية، وما يميز العملة العثمانية أنها كانت منتشرة في فئات متعددة وهذا أعطاها رواجا أكبر في التعاملات التجارية. ويضاف إلى الريال الفرنسي والريال المجيدي المنسوب إلى السلطان العثماني عبدالمجيد خان الجنيه الإنجليزي، وقد عرفها سكان البلاد بأسماء محلية منها جنيه جورج نسبة إلى الإمبرطور جورج الخامس، وكذلك باسم محلي آخر وهو جنيه ابوخيال لوجود رجل يمتطي صهوة جواد على ظهر العملة، وما يميز هذه العملة الإنجليزية أنها مسكوكة من معدن الذهب لهذا كان لها رواج كبير. يضاف إلى هذه العملات الرئيسية عملات أخرى أقل تداولا مثل: الروبية الهندية، وكانت دارجة في شرق الجزيرة العربية بحكم التجارة مع الهند، وكذلك كان يتم تداول القرش المصري خصوصا في منطقة الحجاز بحكم قوافل الحجيج من مصر والسودان، وعملات باقي الأقطار الإسلامية التي كانت تتوافد على الأراضي المقدسة في مكة والمدينة. فبعد أن وحد الملك نجد والحجاز سنة 1343 هجري، أمر جلالته بسك نقود من النحاس من فئة نصف القرش وفئة ربع القرش، على وجهها اسم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وتاريخ سكها 1343هجري، أما الوجه الآخر فنقشت عليه القيمة النقدية ومكان السك وهو أم القرى. وبذلك يعد هذا الإصدار الأول للعملة السعودية النقدية، ونظرا لحاجة السوق الى كميات إضافية من هذه النقود أمر الملك عبدالعزيز في السنة نفسها بسك كمية أخرى، وهذا يعكس مدى الثقة التي حظيت بها هذه العملة الوليدة. وفي عام 1344 هجري، أصدر الملك عبدالعزيز أمرا بسك نقود جديدة من فئة القرش الواحد وفئة نصف القرش وفئة ربع القرش والتي جرى سكها من معدن الكوبرنيكل، وقد حملت هذه النقود الجديدة اسم ولقب الملك عبدالعزيز آنذاك (عبدالعزيز آل سعود/ ملك الحجاز وسلطان نجد). وفي سنة 1346 هجري أمر الملك عبدالعزيز بإلغاء التعامل بجميع النقود المتداولة بجانب العملة السعودية، وتم طرح - ولأول مرة- الريال العربي السعودي، وقد تم سكه من معدن الفضة على غرار الريال المجيدي، الذي يعد النقد الفضي الرئيسي المتداول آنذاك، وتم سكه بشكل مطابق لوزن وقطر الريال المجيدي وكذلك نسبته من معدن الفضة وتم سك أجزاء الريال من فئة نصف ريال ومن فئة ربع ريال. وفي عام 1351 هجري تم تحويل اسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وتقرر استخدام لقب ملك المملكة العربية السعودية بدلا من لقب ملك الحجاز ونجد وملحقاتها، إلا أن هذا اللقب لم يظهر على النقود حتى سنة 1354 هجري عندما طرح أول نقد سعودي حمل الاسم الجديد للدولة. وفي عام 1370 هجري جرى - ولأول مرة- في العهد السعودي سك جنيه الذهب الذي كان تصميمة مشابها للريال الفضي، ولكن هذا الجنيه لم يطرح في الأسوق إلا سنة 1372 هجري بعد أن تم إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي، التي تعتبر ثاني أقدم بنك مركزي في العالم العربي. وفي 14/11/1372 هجري تم إصدار ما عرف آنذاك ايصالات الحج من فئات عشرة ريالات، كتبت بلغات متعددة، وكانت بداية إصدار العملات الورقية. إن العملة التي سنستقبلها في الأيام القادمة هي مرحلة من مراحل تطور النقد في المملكة العربية السعودية، وهي شاهد على تطور الاقتصاد السعودي وازدهاره. أدام الله علينا هذه النعمة وحفظ الله ملكنا ذخرا للبلاد.