سألت مجموعة من الشباب والشابات ما سبب زواجكم؟ فكانت الإجابة من الشباب كالتالي: الأول قال «الزواج سنة الحياة»، وقال الثاني «أنا تزوجت حتى أحمي نفسي من السقوط في العلاقات غير الشرعية»، وقال الثالث «لا أعرف لماذا تزوجت ولكن الواحد بعد الجامعة لازم يتزوج»، وقال الرابع «والدي شديد وأمي تراقبني كثيرا وأحببت أن أتخلص منهما وأهرب بالزواج»، وقال الخامس «تزوجت حتى أكون أسرة وأنال الحسنات ورضا الله في معاملة زوجتي وتربية أولادي»، ثم عرضت نفس السؤال على مجموعة من الفتيات فقالت الأولى «تزوجت لأن الزواج ستر لي»، وقالت الثانية «تزوجت لأن كل صديقاتي تزوجن فتحمست للزواج»، وقالت الثالثة «تزوجت لأني أبحث عن الدلال والدلع من الرجل»، وقالت الرابعة «تزوجت حتى أخفف عن أهلي الضغوط المادية»، وقالت الخامسة «تزوجت حتى أهرب من سيطرة والدي علي». هذه بعض الإجابات التي سمعتها من الشباب والفتيات وملاحظتي على أغلب الإجابات أنها بعيدة عن الهدف الحقيقي للزواج، وهو أن يتزوج الإنسان ليعف نفسه وينال الأجر والثواب ويتعاون مع شريك حياته على إدارة الدنيا وتربية الأطفال وحتى يكون سببا في استمرار عمله الصالح في الحياة من خلال أعماله وذريته، ولا مانع من أن يكون للإنسان أهداف شخصية مثل أن ينال جنسية بلد معين أو الهروب من البيئة التي هو فيها، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا هو السبب الرئيسي للزواج فأكثر سبب يساهم في فشل الزواج هو «التوقعات غير الواقعية»، فعندما يتزوج الإنسان يسبح في خيال واسع لا يمس الواقع أبدا، وقد يكون هذا الخيال أصله رواية أو قصة أو فيلم أو أمنية يتمناها في زواجه، وبعض المقبلين على الزواج يرفعون سقف التوقعات عندهم إلى الف بالمائة، ولا يضعون أي نسبة لأن يجدوا خلاف ما توقعوه في الطرف الآخر، فهذا أكبر سبب يساهم في فشل الزواج سواء كان المتزوجون جددا أم متقدمين في العمر. وقد مرت علي قصص كثيرة أستطيع أن أسميها «صدمات زوجية» بسبب سلوكيات غير متوقعة من الطرف الآخر، مثل أن يكتشف المتزوج حديثا أن الطرف الآخر قليل الكلام أو أنه لا يعبر عن عواطفه أو يدخن أو يتعاطى ممنوعا أو لديه علاقات غير شرعية أو كسلان لا يعمل أو كثير العلاقات والصداقات على حساب البيت، وغيرها من الظروف التي لم يكن يتوقعها، فيصاب بالإحباط والصدمة ويفكر بالانفصال ويبدأ طريق الفشل الزوجي. لا أدعو للتشاؤم الزوجي في هذا المقال ولكن كذلك لا ينبغي أن نسبح بأحلام خيالية ثم نصطدم بواقع مختلف، فالمبالغة بالتوقعات مدمرة للحياة الزوجية ولا ننصح بها، وأن نتعامل مع أمنياتنا بواقعية هو الأسلم والأفضل لنجاح الزواج، ولو توقع المقبل على الزواج خيالا معينا ولم يجد هذا التوقع عند الطرف الآخر فهو أمام حلين، إما أن يجبر الطرف الآخر أن يحقق توقعاته وهذا صعب ولكن ليس مستحيلا أو أن يتعايش ويتكيف مع الطرف الآخر بدلا من أن يحكم على زواجه بالفشل وهو الحل الأكثر نجاحا، بينما لو كانت توقعاته منطقية وواقعية فإن نسبة فشل الزواج ستكون ضعيفة، ومنذ يومين دخل علي شاب تزوج لمدة ثلاثة أشهر ثم طلق لأن زوجته كانت خلاف توقعاته شكلا وسلوكا حتى صارت عنده عقدة بعدم الزواج، وزوجة أعرفها كذلك من أول شهر طلبت الطلاق لنفس السبب وهو مشاهدة سلوكيات من زوجها لم تكن تتوقعها. وأفضل علاج لمشكلة «التوقعات غير الواقعية» بذل الجهد بجمع المعلومات الصادقة والصحيحة عن الطرف الآخر وخاصة قبل الزواج، فكلما جمعنا معلومات أكثر قللنا من التوقعات غير الواقعية، وإذا أضفنا إلى ذلك المشاهدة ولقاء التعارف بين المقبلين على الزواج فإن مثل هذا الإجراء يقلل نسبة فشل الزواج، حتى ولو تكرر اللقاء أكثر من مرة بشروطه الشرعية، بعد بذل هذه الأسباب لا نستطيع القول إننا لن نشاهد خلاف التوقعات ولكن على الأقل قللنا منها وزدنا من نسبة نجاح الزواج.