حتى هذه اللحظة والعالم يتلقى كل عدة ساعات أخبارا مفجعة تجتاح أكبر دول العالم منها إطلاق نار وطعن بالسلاح الأبيض أو تفجير واحتجاز رهائن وتدنيس حرمة أماكن العبادة، ومن المؤسف أننا لم نعد «نلحق» على أخبار الهجمات الوحشية للإرهابيين وطرقهم الضالة، فأقوى الدول التي حاربت الإرهاب صارت مسرحا مفتوحا لقتل المدنيين وإشاعة الفوضى، وقد يكون أسوأ الضحايا حظا هو من ذهب سائحا لتلك الدول فلقي ربه غريبا عن وطنه وأهله. ذروة الصيف في منطقة الخليج يبحث الناس عن أماكن للهرب بعض الوقت من إرهاب درجات الحرارة الملتهبة خاصة سكان المدن والدول المطلة على الخليج العربي ومنطقة نجد عموما، مما يجعل بعض مدن الساحل الغربي والمنطقة الجنوبية للمملكة خيارا قريبا وآمنا لهم في ظل الظروف التي تضرب العالم بشكل يومي، فهل جاء الزمن الذي يحتم فيه الاهتمام فعليا بالخدمات والأنشطة السياحية اضافة الى الجهود التي تبذلها هيئة السياحة؟. عند إلقاء نظرة على أسعار وأعداد العقارات السياحية في المملكة عن طريق مواقع الحجز الالكترونية الأكبر عالميا نجدها قليلة جدا وأسعارها متأثرة بقيظ الصيف، وذلك عند مقارنتها بالدول المجاورة التي توفر خدمة ممتازة وأسعارا معقولة وتنوعا مناسبا لذوي الدخل المحدود، هذا بالإضافة للأنشطة السياحية العديدة فيها ابتداء بصالات السينما مرورا بالمقاهي المتعددة وصولا الى القرى المائية والثلجية والمسارح والمهرجانات والشواطئ وغيرها، وهي مجتمعة تدفع السياح السعوديين لإنفاق 20 مليار دولار سنويا على السفر والسياحة ما جعلنا الأكثر إنفاقا بين شعوب العالم حسب الإحصاءات العالمية في هذا المجال، وهذا بالتأكيد يشكل خسارة كبيرة ونحن نملك مقومات سياحية متعددة وقوية لم تستثمر كما يليق بها ويدعم الاقتصاد الوطني. السياحة ليست مجرد ترفيه يجد البعض منه موسما للاعتراض على وجوده وأنشطته، ومشاغلة الرأي العام بذلك، بقدر ما هو لقمة عيش وفرص وظيفية وإنعاش للقوة الشرائية في السوق المحلية، ومن المحبط ألا يعي الكثير أن دولا كبيرة تولي السياحة أهمية بالغة لما لها من عوائد مادية ضخمة، ودولا أخرى تعد السياحة فيها أقوى مصدر للدخل القومي؛ فمن الضروري أن تُبحث الوسائل التي تجعل بعض الفئات المجتمعية تفهم جيدا أن لا طرف لنظرية المؤامرة في السياحة والاهتمام بها. وقد يكون ما يمر به العالم من محن الان هو شرارة البدء لانطلاقة هذا المجال بقوة خاصة وأن المملكة على عتبات الخروج الى حلة اقتصادية جديدة كليا، وفي ظل ما تتمتع به البلاد من إحكام أمني ولله الحمد؛ ستكون فرص استقطاب السائح العربي والخليجي مواتية وكبيرة. ان مدينتين كأبها والطائف تحملان تاريخا من الحضارات العربية والإسلامية مما يجعل منهما متحفا حيا على الأرض، بالإضافة الى ما تتمتعان به من درجات حرارة ربيعية خلال الصيف، ويملك الساحل الشمالي الغربي ممتدا حتى سواحل مدينة ينبع من البيئة البكر والجو المعتدل ما يمكننا من إقامة مدن سياحية تضم سلسلة من المنتجعات البحرية الجاذبة للسياح من الداخل والخارج، ولنخلق خيارا منافسا لما يقدمه سوق السياحة العالمي داخل حدود وطننا محاطين بهذا الأمن أدامه الله علينا جميعا.