أكد سياسيون وعسكريون أن اجتماع قادة دول الخليج العربية في قمتهم السابعة والثلاثين يأتي وسط ظروف أمنية وسياسية حرجة غلبت عليها الصراعات والأزمات التي تمر بها المنطقة، مشيرين إلى أن القادة يسعون إلى إبرام رؤية موحدة تجاه هذه الأزمات بدافع إيمانهم بأن المصير مشترك، مما يحتم عليهم المحافظة على مصالح دول وشعوب المنطقة. وأوضحوا في حديثهم ل «اليوم» ان المجلس استطاع أن يشكل كتلة اقتصادية وأمنية وعسكرية ذات ثقل وقيمة، استطاعت أن تقف بقوتها العسكرية سداً منيعاً للتدخل الإيراني في المنطقة وحماية دول الخليج كافة، مشيرين إلى أن القمة ستشهد - بإذن الله - حلا نهائيا للأزمة اليمنية وإيقاف الحرب والدمار التي تشهدها أراضيها. مواجهة محور الشر في البداية قال الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي الدكتور خالد محمد باطرفي: «تعقد في المنامة القمة الخليجية السابعة والثلاثين في عمر مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه 1981، بعد اشتعال الحرب الخليجية الأولى بين العراقوإيران، بهدف توحيد صف دوله العربية الست، وتحصينها وتأمينها وتنسيق مواقفها أمام التحديات العسكرية والأمنية والسياسية التي عصفت بالمنطقة. وكان من أهم أهداف الرؤية الاستراتيجية للمجلس الوصول إلى مرحلة الوحدة الكاملة بين أعضائه، وتعرض المجلس في عمره الثلاثيني وتاريخه الحافل إلى هزات ومواجهات واختبارات عديدة، لعل أبرزها الغزو العراقي للكويت 1990، وحرب التحرير التي قادتها المملكة والولايات المتحدة، وانتهت بإخراج القوات العراقية بعد الاحتلال بعام كامل، وذلك في مطلع العام 1991، كما واجه المجلس تبعات واستحقاقات الغزو الأمريكي للعراق واحتلال هذا البلد العربي ثم تسليمه للهيمنة الإيرانية». وأضاف باطرفي: «استطاع المجلس من خلال تنسيق جهود أعضائه تشكيل كتلة اقتصادية وأمنية وعسكرية ذات ثقل وقيمة، وشاركت جيوشها في تأسيس درع الجزيرة من مائة ألف جندي لتتصدى للمخاطر التي تتعرض لها دول المجلس، وكان آخرها العمل على تأمين البحرين بعد الاضطرابات الأمنية والتي أشعلتها إيران، واليوم تواجه دول الخليج العربي تحديات لا تقل خطورة، من نفس المصدر، ولكنها أصبحت أقوى وأقدر على مواجهة هذه التحديات بعد المراحل الطويلة التي قطعتها على طريق التنسيق والتكامل بين قواها وقدراتها، والموقف الموحد الذي تسير عليه في المحافل العربية والإسلامية والدولية». وتابع الأكاديمي السعودي: «على طاولة زعماء الخليج ملفات ساخنة أشعلها محور شر واحد في العراق، وسوريا، ولبنان، ثم اليمن، كما تواجه هذه الدول تغيرات دولية كبرى، أهمها غموض موقف الحليفان الأمريكي البريطاني، وهبوط أسعار النفط مع زيادة المعروض واستغناء دول كالولايات المتحدة عن معظم المستورد منه بعد اكتشافها للنفط الصخري وبدائل الطاقة وتخفيض الاستهلاك العام، وإشكاليات الاقتصاد العالمي خاصة في أوروبا وتراجع التقدم في آسيا، يضاف إلى ذلك كله انعكاسات هذه الأوضاع الخارجية على الأحوال الداخلية، من انخفاض الدخل وتباطؤ التنمية والفرص الوظيفية، ولا ننسى الحاجة الماسة إلى تكامل هذه الدول تنمويا واقتصاديا وخططها المستقبلية». إيقاف حرب اليمن من جانبه قال المحلل السياسي الكويتي جابر باقر: «هناك حلول توافقية لحل مشكلة وأزمة اليمن بعد أن قدمت مؤخراً سلطنة عمان أجندة وملفا لحل هذا الملف الشائك في أسرع وقت، وأعتقد أن هناك حلا توافقيا وإجماعا على إغلاق هذا الملف في القمة، وقد يكون هناك حل توافقي ما بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وأعتقد أن قمة مجلس التعاون سيكون فيها الحل النهائي لهذه الأزمة بإذن الله. ونتمنى كمراقبين سياسيين أن تنتهي للوصول إلى بر الأمان في هذا الجانب خصوصا في ظل الأوضاع الإقليمية السيئة المحيطة بدول الخليج ومنها الأزمة السورية والأزمات الأخرى المفتعلة، وبشكل عام أعتقد أن القمة الخليجية ستشهد قرارات إيجابية في كل جوانب السعي لإيقاف الحرب والدمار في اليمن». من جهته قال أستاذ العلوم السياسية وإدارة الأزمات في جامعة الحديدة باليمن، الدكتور نبيل الشرجبي: «السياسات الخشنة التي تستخدمها ايران في المنطقة العربية عامة ومنطقة الخليج خاصة تزايدت بشكل اكبر، لعدة أسباب أهمها سياسات المحاباة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية مع نظام ايران، وثانيا انشغال العرب بتصحيح أوضاعهم وخاصة الاقتصادية، ثم غياب السياسات العربية لمواجهة سياسة طهران وتدخلها في المنطقة، بجانب عدم وجود اتفاق عربي للتعامل مع تلك الأخطار. ونجد أن هذا دفع بالمملكة في رد فعل سريع لقيادة المنطقة، قبل استفحال الوضع فكانت عاصفة الحزم وهو الموقف الذي وحد وبشكل أولي المواقف العربية تجاه ايران، وذلك في تعبير ربما أزعج الكثير في دوائر صناعة القرار الدولي. ورغم ذلك استمرت المملكة في إفشال تلك السياسات». وأضاف الشرجبي: «من وجهة نظري هذه القمة الخليجية يجب أن تسعى إلى بناء قوة موازية في المنطقة العربية لمواجهة التحدي الإيراني وخاصة في ظل وجود مؤشرات بعدم وجود أي استنكار دولي تجاه ايران، بجانب ضرورة التواصل مع الإدارة الأمريكية وبشكل سريع ورسم سياسة تسهم في الخروج بسياسة لمواجهة طهران تحظى بإجماع عربي». من جهته قال اللواء متقاعد سالم الزهراني: «تنعقد القمة الخليجية وسط ظروف أمنية وسياسية حرجة، تغلب عليها الصراعات والأزمات التي تمر بالمنطقة بأسرها، وسيسعى قادة دول مجلس التعاون للاتفاق على رؤية موحدة تجاه هذه الأزمات بدافع إيمانهم بوحدة المصير المشترك، مما يحتم عليهم المحافظة على مصالح دول وشعوب المنطقة بالتزامن مع متابعة الأحداث المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية. وسيناقش القادة الخليجيون ترسيخ مسيرة الاتحاد والتعاون بين دول المجلس في شتى المجالات، وأهمها أحداث اليمن ودعم الشرعية وعودة الحكومة المعترف بها دوليا لممارسة أعمالها». وأضاف الزهراني: «مع انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدةالأمريكية فإن قادة دول المجلس سيركزون على مستقبل العلاقات بالإدارة الجديدة بما يحقق مصالح دول وشعوب المجلس، وبإذن الله سيكون النجاح حليف القادة لما يتمتعون به جميعا من حنكة سياسية، وختم اللواء المتقاعد حديثه بالتمنيات بأن يحفظ الله خادم الحرمين الشريفين ويديم العلى القدير الأمن والأمان على دول مجلس التعاون». ظروف وتغيرات مهمة من جانبه أكد المحلل السياسي اليمني الدكتور فارس البيل انعقاد القمة الخليجية في ظروف ومتغيرات بالغة الأهمية، في السياسة الدولية وتطورات في المواقف وحراك سياسي عال، مشيرا إلى أن كل هذا يفرض على قادة الخليج أن تكون قمتهم مختلفة وعميقة وبقرارات متقدمة تواجه الملفات المفتوحة الكثيرة والتحديات التي تلقي بظلالها على مستقبل المنطقة. وقال البيل: «الملف اليمني سيحظى في تصوري بعناية بالغة، نظرا لأهميته وانعكاساته المختلفة، هناك مبادرات مطروحة وضغوط عديدة، وأعتقد أن القمة الخليجية ستنتج موقفا سياسيا يتناسب مع حاجة اليمن للوصول إلى مرحلة السلام بما يحقق آمالهم ولا ينتقص من تضحياتهم، ويتناسب مع الدور الكبير المقدم من التحالف العربي، بما يضمن حلا جذريا للمشكلة لا تنفذ منه بؤر للصراع قادمة، أو نفوذ لمشاريع إقليمية أو طائفية، وأبدى تفاؤله بأن يذهب القرار السياسي باتجاه مصلحة اليمن وأمن الخليج في آن واحد، وإن تعثر الحل السياسي أو أربكته المصالح الدولية أو حاول النفوذ الدولي أن ينتج حلا هشاً لليمن، فالخليج بكامل الاستعداد للحسم وهناك استعدادات عسكرية مهمة ونوعية تتجه لتطهير الحدود الساحلية لليمن من الانقلابيين». فيما قال المحلل السياسي فهد الشافي في تصريح ل«اليوم»: «لا أعتقد أن يكون في القمة الخليجية تغير كبير عن القمم السابقة، إلا إذا صدقت بعض التسريبات عن قضية التعديل في موضوع الاتحاد الخليجي، وفي تصوري أن المجلس بطبيعته يميل إلى المرحلية في اتخاذ القرارات، أما فيما يخص اليمن فدول مجلس التعاون باستثناء سلطنة عمان مواقفها واضحة ومؤيدة لموقف المملكة وشرعية الحكومة اليمنية والتحالف، إذن لا حاجة لهم في إعادة تأكد مواقفهم الواضحة تجاه اليمن». من جهته قال المحلل السياسي اليمني فتحي اليوسفي: «يأتي انعقاد القمة الخليجية في المنامة، في ظروف بالغة التعقيد وفي ملفات ساخنة سواء في اليمن أو العراق وسوريا، وقرارات القادة لا بد أن تكون عند حجم التحديات المحدقة بالمنطقة من مكافحة الإرهاب المتمثل بداعش إلى كبح طموح إيران وأطماعها في لبنان وسوريا واليمن والبحرين». وشدد اليوسفي على وقفة دول الخليج إلي جانب الشرعية اليمنية، وسعيها الحثيث على الحفاظ عليها وفق مبادرة تبنتها الأممالمتحدة، واليوم يعلق اليمنيون كافة علي جهود دول المجلس باستكمال ما بدأ في ظهران الجنوب والكويت، وأخيراً سلطنة عمان من مساع لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء اليمنيين وحقن الدماء وعودة الدولة بمؤسساتها دون الميليشيا المسلحة، وعودة اليمن من جديد إلى محيطه العربي، وفي تقديري أن القمة ستبعث رسائل لطمأنة الجيران والعالم بتأمين الحدود والمضائق المائية. وأضاف اليوسفي: «دول الخليج معنية بالشأن اليمني مباشرة كون استقراره سينعكس على استقرارها، كما أن عدد السكان الكبير والظروف الاقتصادية الصعبة، قد تجعل اليمن مرتعا للإرهاب -لا قدر الله- وهناك جهد سياسي موحد لجميع دول الخليج، وجهد عسكري ملحوظ لدول التحالف العربي للضغط باتجاه الحل، وعدم انزلاق اليمن نحو المجهول، مما يجعلنا نحسب أن القمة ستكون مصدرا لتفاؤل اليمنيين بحلول دول الجوار؛ لما تربطهم من أخوة ومصير مشترك، وهو الأنجع من الحلول «المستوردة» وهذا ما يؤيده المنطق».