رغم مروري في الوقت الحالي بظرف خاص يأخذ جزءا كبيرا من الوقت والطاقة الجسدية بشكل يومي، إلا أنني أحيانا أجد بعض الوقت لتصفح بعض مواقع تحليل الشأن السياسي حول العالم. وكذلك أقوم بالرد على رسائل قليلة من بعض زملاء الدراسة الذين يعملون كمحللين إستراتيجيين في مراكز البحث (ثينك تانك). ولكن وقبل أسابيع قليلة تفاجأت بطلب إحدى محطات التلفزيون والتي مقرها العاصمة الأمريكية لعمل لقاء تلفزيوني حيال آخر التطورات في المنطقة. ولكن اعتذرت عن المشاركة؛ نظرا لظرفي الطارئ الذي أمر به إضافة إلى حيرتي أمام نقطة نقاش شدت انتباهي كان مزمع الحديث عنها والتي كانت إحدى فقرات النقاش في المقابلة التلفزيونية. وهي فقرة ربطت بين أضلع مثلث متناقض كان الضلع الأول فيه إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، والضلع الثاني كان شركة (ثايسون كروب) الألمانية لصناعة السفن والغواصات، والضلع الثالث كان شركة الحكومة الإيرانية للاستثمار الخارجي. ورغم أن ما كان يدور خلف الكواليس بدأ يتكشف قبل عدة شهور، إلا أن ما تم الكشف عنه من تفاصيل كاد أو قد لا يزال من الممكن أن يطيح برئيس الوزراء الإسرائيلي. وما حدث هو صفقة غواصات ألمانية الصنع اشترتها إسرائيل من شركة ثايسون كروب ووافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي. ولكن المشكلة تكمن في كون السيد ديفيد شيمرون وهو محام وصديق رئيس الوزراء قد تم تعيينه كأحد المستشارين للشركة الألمانية، في وقت تملك إيران خمسة بالمائة من أسهمها، والتي من خلالها وحسب صحيفة (يدعوت أحرانوت) فقد دخلت الميزانية الإيرانية ملايين الدولارات كأرباح مباشرة؛ جراء صفقات إسرائيلية - ألمانية تمثل زوارق حربية وغواصات للبحرية الإسرائيلية. وما أغضب الشارع الإسرائيلي هو أن الكثير من كبار القادة العسكريين ذكروا أنهم لم يكونوا يعرفون أن إيران تملك جزءا من أسهم الشركة الألمانية. وبالطبع فهذه مصيبة أكبر وضربة كبيرة للاستخبارات الإسرائيلية إن كانوا بالفعل لا يعرفون علاقة شركة (ثايسون كورب) الألمانية مع الشركة الإيرانية للاستثمار الخارجي. ورغم أهمية الصفقة بين إسرائيل والشركة الألمانية، التي تشمل غواصات ذات قدرات عالية، إلا أن المهم فيها هو أنها تشمل عددا من الزوارق الحربية السريعة ذات القدرات العالية لحماية منصات الغاز الإسرائيلية في مياه البحر الأبيض المتوسط. ولكن وفي الوقت الحالي تفكر البحرية الإسرائيلية في إلغاء الصفقة وسط حيرة كبيرة حيال كيف تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذه الصفقة. وقامت الشرطة الإسرائيلية بالتدخل للتحقيق في أي ملابسات حول أي رشاوى في هذه الصفقة، خاصة أن المحققين الألمان ذكروا أن من قام بتمثيل رئيس الوزراء قد يكون قد حصل على ملايين الدولارات؛ جراء هذه الصفقة. فهل لو تم التأكد من هذه المعلومات سيمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام المحاكم ويفقد منصبه أم أنه سيقوم بتكرار مناوراته السياسية؛ للخروج من هذه الأزمة. ولكن وفي نهاية المطاف فليست هذه المرة الأولى التي تتقاطع فيها خطوط صفقات السلاح بين إسرائيل وإيران.