تتجسد عبارة «من أمن العقوبة أساء الأدب» تجسدا فعليا في تلك المشاهد المصورة التي رصدتها كاميرات هواتف العديد من المواطنين لمخالفات صريحة ترتكبها العمالة الوافدة، وأزعم أن (اليوتيوب) يضج بالعديد والعديد من مشاهد دفعت المواطن الغيور على وطنه إلى لفت نظر الجهات الحكومية المعنية إلى تلك المخالفات؛ كونها تجاوزت حد أن تكون إدانة صريحة لمرتكبيها، مثل ذلك العامل الذي أوكلت إليه حراسة أحد المساجد والعناية به، فاتخذه - بلا وازع ولا ضمير- مستودعا لتخزين خردة السيارات، حتى أن منارة المسجد لم تسلم من عبثه واستهتاره فحشرها بكم هائل من قطع غيار السيارات، ولا شك أن «اليوتيوب» يضج بمقاطع لعمال المطاعم، والمقاولات، وعمال المرافق الحكومية؛ والمخابز و«الكافتيريات» وغير ذلك كثير، ويبقى ثمة َقاسم مشترك بين هؤلاء المخالفين جميعا. القاسم المشترك بين هؤلاء أنهم لا يهابون مطلقا كاميرات تصوير المواطنين التي توثق ما يرتكبونه من مخالفات، وليس هذا فحسب بل ربما وجدتهم يتبسمون لكاميرا الجوال، وربما ذهبوا بأنفسهم لأخذ «سيلفي» مع ذلك المواطن الراصد لمخالفتهم، ولكم أن تتذكروا ذلك المخالف الذي رصده مواطن غيور بينما كان يحمل لحم الذبائح ليزود بها المطعم الذي يعمل فيه، ولكن بواسطة سيارة «سكراب» وغير مجهزة لنقل اللحوم، فظهر العامل مبتسما للمصور، ثم خاطبه بجرأة متناهية قائلا: «بلّغ كما تريد ومن شئت»، وواصل عمله بنقل اللحوم والكاميرا «دايره» بحسب لغة المخرجين السينمائيين، ولا اكتراث ولا خوف ولا مبالاة، ومن شاهد ذلك العامل المنتهك لحرمة المسجد لاحظ أنه ظل يواصل عمله بتخزين الخردة في منارة المسجد دون أن يهاب التصوير أو تهديد ووعيد من كان يصوره!! أود أن أقول: إن هذه العمالة المخالفة لكل اللوائح والأنظمة لم يصلوا إلى مرحلة كهذه من عدم الاكتراث أو الخوف إلا بعد شعورهم بالأمان من العقوبة، ويقينهم بأنهم أبعد ما يكونوا عن المساءلة، الأمر الكفيل بدفعهم لعمل هذا وأكثر، وبالتالي أصبحت صحة المواطن هدفا لغشهم بهدف الربح المادي، وأظن أن مستودع الدواجن المثلجة الذي يقوم عليه زمرة من العمالة، بتسييحها وبيعها على نقاط البيع بالتجزئة باعتبارها طازجة خير مثال ودليل على أنهم لم يعودوا يبالون حتى لو جعلوا صحة المواطنين ثمنا لجشعهم. فهل هم بتهاونهم واستهتارهم وتجاوزهم القوانين يوحون لنا بأن جهات الضبط على اختلاف مجالاتها سواء صحية أو أمنية أو بيئية بحاجة إلى رفع طاقاتها وكفاءتها؟، فالعمالة المخالفة لا يعنيها سوى الحصول على المال وبأسرع وقت ممكن وبأي طريقة كانت؛ وفي حال تم ضبط أي عامل ولم يتلقَ العقوبة الصارمة حتما سيعود للمخالفة مرة أخرى، وفي الوقت نفسه سيشجع غيره من أبناء جلدته على العمل بنفس الكيفية ونفس النهج. من جانب آخر، فإن توثيق هذه الممارسات من قبل المواطن مطلب مهم، بل وواجب تستدعية المواطنة وتفرضه كثير من الاعتبارات!!؛ كالتعاون مع الجهات المعنية على قدر استطاعته، لا سيما بعد أن استخدمت العديد من الجهات التكنولوجيا للتبليغ عن المخالفات بشكل عاجل وسريع، وقدمت جهودا كبيرة في هذا المضمار، علما بأن حيل وتجاوزات هؤلاء العابثين بكل شيء يلزمها جهود مضاعفة، وعقوبات صارمة كون غشها بلغ حدا لا يمكن التساهل معه، فالوقود خلط بالماء، وزيوت الطهي الفاسدة استخدمت، ولحوم الكلاب والحمير بيعت، «وعلى عينك يا تاجر!».