فرح استثنائي أن يفتتح الملك سلمان مركزا ثقافيا عالميا استثنائيا لهذه المنطقة الشرقية، بأهلها وبحرها ونخلها ورمالها، من أقصى شمالها حتى آخر نخلة ومسيل ماء في جنوب غرب الأحساء أن تفرح بتشريف خادم الحرمين الشريفين وصحبه الكرام، فأهلا وسهلا بكم بين شعبكم وأهلكم حفظكم الله. لهذه المنطقة الشرقية، سليلة التاريخ التليد الذي يضرب في القدم ويتحرك أبدا على موعد مع الخير والعطاء والنماء والوفاء، أن تبتهج وتفخر بافتتاح مشاريع تنموية ترعاها الدولة لصالح الوطن، العزيز دائما بقيادته وشعبه وتطلعاته وأمانيه. في زيارة خادم الحرمين الشريفين للمنطقة الشرقية أكثر من بعد ومغزى سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني، يمكن الحديث عنه على مستوى تلاحم القيادة والشعب بكل فئاته وشرائحه وأعماره وعلى مستوى التطلع والعمل والإنجاز التنموي. غير أن اللافت الأكبر بالنسبة لكاتبه هو هذا الاحتفاء بمشروع ثقافي كبير، إذ يبادر خادم الحرمين الشريفين بافتتاح مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، وهو مبادرة خلاقة من شركة أرامكو السعودية للعناية عمليا بالتعليم والثقافة من خلال تقديم برامج وخدمات لتعزيز الوعي والانتماء والحوار المعرفي مع تاريخ الوطن ومكتسباته ومع العالم. في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي مساحات جديدة غير مسبوقة للإبداع والابتكار والمبادرة والبحث عن المعرفة والتعلم الذاتي والمستمر ومكتبة حديثة ورقية وإلكترونية ومتحف وحكايات كفاح ونجاح للناس من خلال عرض لأرشيف الشركة وتاريخها والعاملين فيها. وفي المركز كثير من تطوير الشغف بالمعرفة. والمأمول أن يُسهم هذا بقوة في تنمية شخصية المواطن السعودي وحواره الإيجابي مع العالم. من هذا المنظور، تقوم أرامكو السعودية مشكورة بعمل خلاق مبتكر يوظف تقنيات التعلم وتقنيات العروض والمتاحف والمكتبات بشكل مبهر لا يُفرط في المحتوى المتوازن. ومبادرة أرامكو جديدة محليا وإقليميا وعالميا بهذا الشكل والمضامين في ميدان المسؤولية الاجتماعية وليس هذا بمستغرب فأرامكو السعودية رائدة بامتياز في مجالات خدمة المجتمع والإسهام في التنمية الثقافية والاجتماعية على مدى نحو سبعين عاما من أعمال المسؤولية الاجتماعية، حتى من قبل أن يتحدث العالم بوضوح وقوة منذ 2008م عن المسؤولية الاجتماعية للشركات، في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية حينذاك. شكرا أرامكو السعودية التي لا ترضى إلا بالتفوق والريادة، وشكرا لكافة المسؤولين والعاملين من الرجال والنساء في الشركة وخارجها من المملكة العربية السعودية وأجزاء أخرى من العالم الذين عملوا على تشييد هذا المركز الذي يُرجى أن يكون منارة للعلم والثقافة والحوار الايجابي بين الثقافات في عالم واحد متبادل المنافع. وبدعوة كريمة من أرامكو السعودية، حضرتُ افتتاح مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، وسعدتُ أن أرى خادم الحرمين الشريفين يفتتح المركز في رسالة لأهمية المعرفة والثقافة في التنمية. ومن نافلة القول أنه لا رؤية وطنية ولا تنمية ولا أمن بدون ثقافة وتعليم مُغايرين يُسهمان حقا وعمليا في بناء الشخصية وبناء الإنسان الذي هو مُنطلق التنمية وصانعها ووسيلتها وهدفها. ولقد حان الوقت للعناية بمشاريع جديدة في التعليم والثقافة، ومنها تطوير وإثراء مناهج التعليم وربطها بالمجتمع والعالم وبمستجدات العلوم والفنون، وبمنجزات الترفيه والسياحة الوطنية بشكل شائق، مما يجعل المعرفة تفاعلا وسلوكا وينفع الوطن والمواطن ويعزز الصورة الإيجابية عن بلادنا. هل سنرى في القريب دراسات لنتائج وأثر مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في المجتمع؟ وهل سيشهد الوطن مشاريع تعليمية وثقافية جديدة رائدة مطلوبة يإلحاح في زمن التحول الوطني؟ أثق أن هذا النداء سيصل إلى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وإلى سمو ولي العهد، وإلى سمو ولي ولي العهد - حفظهما الله-. فالتعليم المتوازن والثقافة الإيجابية المنفتحة التي تترجم القيم الإسلامية والعربية والإنسانية السمحة بشجاعة ووضوح هي الأسس القوية للأمن والاقتصاد، ولا تنمية مُستدامة متوازنة بلا مشاريع تعليم وثقافة موازية حاملة للتطلعات والعمل التنموي. حياكم الله يا خادم الحرمين الشريفين، وصحبكم الكرام بين شعبكم في المنطقة الشرقية، وأينما حللتم في ربوع الوطن. حفظكم الله وحفظ بلادنا قوية عزيزة رائدة بإذن الله في شتى ميادين الإنجاز الرائد بإذن الله. عضو مجلس الشورى، مستشار سابق للمحتوى التعليمي والثقافي في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي