كما هو متوقع، الاحتياطي الفيدرالي امتنع عن أي تدابير سياسة جديدة في الفترة الأخيرة. من خلال القيام بذلك، تفادى التعرّض لتدقيق سياسي غير مريح قبل ستة أيام فقط من الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة. لكن من خلال الكلمات وتصويت أعضائه، اتّخذ البنك المركزي خطوة في إثبات صحة توقعات السوق العالية (حوالي 70%) لرفع أسعار الفائدة في ديسمبر. أقرّ الاحتياطي الفيدرالي أن الحجة الاقتصادية لصالح رفع أسعار الفائدة تعزّزت أكثر من قبل، وإذا رفع أسعار الفائدة فعلا فإن ذلك سيكون المرة الأولى منذ ديسمبر من العام الماضي والمرة الثانية فقط خلال الأعوام العشرة الأخيرة. تحسن ظروف العمل تستمر ظروف سوق العمل بالتحسّن، حيث نمو فرص العمل رافقه أخيراً زيادات أقوى إلى حد ما في الأجور. التوقعات التضخمية كانت ترتفع، خاصة عند قياسها حسب مؤشرات السوق مثل مستويات «التعادل» في السوق لسندات الخزانة الأمريكية المحمية من التضخم. وكانت هناك حتى بوادر اعتراف متزايدة بين المسؤولين بمخاطر عدم الاستقرار المالي في المستقبل، وهي المخاطر التي تعتبر نتيجة ثانوية مترتبة على فترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية - على الرغم من أن الاحتياطي الفدرالي قد لا يرغب بالتركيز على هذه النقطة. هذا يحدث حتى في الوقت الذي جذب فيه الاحتياطي الفيدرالي الاهتمام السياسي الذي، كما اعتقد، يعتبره أمرا مؤسفا. في موسم انتخابات غريب نوعاً ما، تم اتهام البنك المركزي بإظهار التحيّز السياسي، لا سيما من قِبل الجمهوريين. في الوقت نفسه، البعض على الجانب الآخر من الطيف السياسي حثّه على عدم إثارة ردود فعل وآراء قوية طالما كانت الولاياتالمتحدة في خضم انتخابات محورية على الأبواب. لهذا السبب كان الاحتياطي الفيدرالي يأمل في أن الاجتماع الأخير للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سيكون حدثا غير مهم. لقد نجح بشكل أساسي من خلال عدم الإعلان عن أي تدابير جديدة في السياسة النقدية. إذا حكمنا من البيان الموجز الصادر بعد اجتماعات اللجنة -سوف نحصل على نظرة أكبر عندما تصدر محاضر الاجتماع في غضون بضعة أسابيع- وبالتالي فإن أفضل طريقة للتفكير في هذا الاجتماع هي باعتباره عملية قيد الانتظار. حجة قوية الاحتياطي الفيدرالي اعترف بأن هناك حجة قوية تدعوه إلى اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة، مُشيراً إلى كل من التحسن المستمر في سوق العمل والآفاق بتضخم أعلى قليلاً. لكنه أيضاً أبقى خيارات سياسته مفتوحة، وهذا أمر مفهوم. بين الآن واجتماعه في منتصف كانون الأول (ديسمبر)، سوف يحتاج المسؤولون إلى تقييم أثر الانتخابات والآثار المترتبة على اثنين من تقارير العمل الشهرية، فضلاً عن رصد التطورات في الخارج (على الأخص في أوروبا والصين). القرار يُشير إلى سياق أوسع سبق أن تحدثتُ عنه في مقال آخر. على الرغم من الميل لاتخاذ إجراءات تتعلق بالسياسة النقدية، إلا أن البنوك المركزية في ثلاث قارات تم تهميشها بسبب الظروف. ربما تكون أيضاً تُشير إلى الأسواق بانخفاض تدريجي في استعدادها وقدرتها على ممارسة الإجراءات التي استفاد منها المستثمرون بشكل جيد حتى الآن: أعني بذلك ما قامت به من قمع التقلّبات المالية في بيئة عالمية تتسم بظروف اقتصادية ومالية ومؤسسية وسياسية غير مؤكدة على نحو غير عادي.