طرحت وزارة العمل مقترح قرار على بوابة «معاً» الإلكترونية يهدف إلى إيجاد الفرص لطلاب التخصصات الهندسية للتدريب والعمل بعد تخرجهم وتحفيز المنشآت الهندسية على المساهمة بالتدريب في مجال تخصصها عن طريق احتساب الطالب بعدد كامل في نسب التوطين لدى المنشآت، وشمل المقترح احتساب طلاب الجامعات السعودية في التخصصات الهندسية الذين يتم توظيفهم بالمكاتب والشركات الهندسية كمتدربين للعمل في غير أوقات الدراسة بوزن واحد صحيح في نسب التوطين خلال فترة التدريب وفقاً لشروط معينة، وأهم تلك الشروط وجود ترخيص مزاولة المهنة لدى المنشأة صادر من الهيئة السعودية للمهندسين، وأن يكون لدى المنشأة برنامج تدريبي توافق عليه هيئة التخصصات الهندسية، وأن يكون المتدرب طالبا يدرس في أحد التخصصات الهندسية المتوافقة مع التخصص المحدد في ترخيص المنشأة، واختتمت الوزارة المقترح بتوقيع عقد تدريب بمكافأة شهرية لا تقل عن «1500 ريال» خلال فترة التدريب وأن ينص فيه على التزام المنشأة بتوظيف المتدرب بعد تخرجه على الوظيفة التي تناسب تخصصه الهندسي، والتزام المتدرب بالعمل لدى المنشأة لمدة تحدد في العقد بحيث لا تقل عن سنة ولا تزيد على المدة المماثلة للتدريب. المقترح ممتاز جداً وسيكون له تأثير كبير في زيادة التراكم المعرفي داخل سوق العمل وخصوصاً للمهندسين السعوديين الذين يواجهون صعوبات عديدة في الحصول على وظائف، ووفقاً لآخر الإحصائيات في موقع الهيئة العامة للإحصاء يبلغ عدد السعوديين العاملين في المهن الهندسية والأساسية المساعدة ما يقارب «214756 عاملا» مقسمة على النحو التالي «198219 ذكرا» و«16537 أنثى»، ويشكلون ما نسبته تقريباً 6% من مجموع العاملين في المهن الهندسية والأساسية المساعدة لجميع الجنسيات في منشآت القطاع الخاص، وأتمنى أن لا يقتصر هذا القرار حال تطبيقه على المنشآت الهندسية ويكون متاحا حتى للمنشآت الصناعية بسبب وجود عوامل تساعد على التطوير واكتساب الخبرات بشكل أوسع. قضية البطالة ليس من السهل معالجتها خصوصاً في التوسع الجغرافي الكبير للمملكة، ووزارة العمل عملت في السنوات الخمس السابقة على إحداث نقلة نوعية في سوق العمل للحد منها وذلك بتطبيق برامج عديدة، والمشكلة الأساسية التي نواجهها هي غياب إستراتيجية واضحة للخارجين والداخلين المحتملين لسوق العمل، وبوجود مثل هذه البرامج فسيكون هناك أساس كبير للتعرف على إمكانيات ومهارات من تم تدريبهم قبل اعتماد توظيفهم رسمياً في سجلات المنشأة. أنا من أكثر المؤيدين لهذا المقترح، ولكن وجهة نظري الشخصية أنه من الأولى البدء بتطبيقه على طلاب الموارد البشرية في المملكة، فمنذ سنوات طويلة وحتى يومنا هذا نجد أن هناك فجوة واضحة بين وزارة العمل والقطاع الخاص، وما زال هناك خلل في إيصال رسالة وزارة العمل لأصحاب الأعمال في المملكة، وواقعياً نجد أن أغلب برامج وزارة العمل تأخذ وقتاً طويلاً في تطبيقها بالشكل المأمول وذلك يرجع لأسباب عديدة من أهمها اختلاف ثقافة الموارد البشرية لدى أصحاب الأعمال، وبسبب ندرة وجود كفاءات مختصة بالموارد البشرية وملمة في برامج الوزارة التي يتم تطبيقها، ولذلك من المهم أن يكون هناك تركيز أكبر على هذا التخصص وتشكيل أذرعة «شركاء» للوزارة في القطاع الخاص يساهمون في نجاح تحقيق الوزارة لأهدافها وتوطيد الشراكة الإستراتيجية بينها وبين القطاع الخاص. في المملكة لم ننجح بالقدر المأمول في تطبيق ممارسات الموارد البشرية، والسبب يعود لتأخرنا في إعطاء أهمية لهذا القسم وعدم إعطائه الفرصة للمشاركة بقرارات الأعمال وسوء فهم الدور الحقيقي له بسبب جهل العديد بقياس تأثير القسم على الإنتاجية والربحية داخل المنشآة، والعمل على تطوير هذا العلم وتشجيع تطبيقه فعلياً على أرض الواقع سيكون له انعكاس كبير في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية التي واجهناها أو قد نواجهها في المستقبل. البدء بهذا المقترح على طلاب الموارد البشرية سيزيد من قوة الترابط بين الوزارة والقطاع الخاص خلال السنوات القادمة، وسيساهم في نجاح تطبيق العديد من توجهات الوزارة الحالية والمستقبلية، وأتمنى من وزارة العمل النظر فيه قبل البدء بتطبيقه على طلاب الهندسة. رؤية المملكة يعتمد نجاحها بعد توفيق الله على العنصر البشري «أبناء الوطن»، وقسم الموارد البشرية هو الأساس في ذلك.