المناخ الانتخابي الأمريكي يمتلك وسائل الإعلام، التي يجعلها تتقصى كل شيء يمكن أن يمت للانتخابات بصلة. وهذا الموسم استثنائي لعدة أسباب أهمها احتمال أن تتسيد امرأة سدة البيت الأبيض، ما يجعل وسائل الإعلام تبحث في كل ما يخص مسيرة المرأة الأمريكية في حصولها على حقوقها السياسية. ال«واشنطن بوست» عثرت على ما يمكن أن يمثل تجسيداً لتلك المسيرة في شخصية السيدة (ايستيل ستشجولت). «سأصوت لهيلاري كلينتون كي تكون رئيسة لأمريكا» كان يمكن أن يكون هذا تصريحا كأي تصريح عادي مما يتفوه به أي ناخب أمريكي، لكن إذا عرفنا أنه صادر عن امرأة شهدت وقت أن كانت المرأة ممنوعة من التصويت في الولاياتالمتحدة، فلا بد أن نولي الأمر اهتماماً. تبلغ السيدة (ستشجولت) الرابعة والتسعين من عمرها فقد ولدت في منتصف عام 1918 في عهد الرئيس (ودرو ويلسون)، وكانت الحرب العالمية الأولى توشك على الانتهاء. في ذلك الوقت كانت النساء لا يملكن حق الاقتراع ويكتفين بمشاهدة أزواجهن وأبنائهن يذهبون إلى صناديق الاقتراع، وستمر سنتان قبل أن تمتلك المرأة ذلك الحق الدستوري. تروي السيدة (ستشجولت) أن والدتها، وبعد أن امتلكت النساء حق التصويت، صحبتها عندما كانت طفلة إلى صندوق الاقتراع كي تجعل من ابنتها شاهدة على ذلك الحدث التاريخي. كان أول مشاركة لها في التصويت في عمر الثانية والعشرين، واختارت أن تصوت لصالح الرئيس (فرانكلين روزفلت) ولم يفتها منذ ذلك الوقت المشاركة في الانتخابات، وسجلت حياتها كل فتوحات المرأة الأمريكية في المجال السياسي. وهي تنفي، أنها ندمت طيلة 8 عقود من المشاركة، على أي صوت أدلت به، كما تنفي ما اشتهر سابقا بأن المرأة في بدايات تجربتها في التصويت كانت تتبع زوجها، فهي شخصيا لم تصنع ذلك، ولا تذكر أن أي واحدة من اللاتي تعرفهن صنعت ذلك أيضا. في سنة 2008 أثناء الانتخابات الحزبية الديمقراطية صوتت لصالح هيلاري كلينتون، ورغم أنها لم تفز، لكنها تعتبر ذلك الصوت الأكثر فخرا في حياتها، وصوتت بعد ذلك لباراك اوباما أكثر الرؤساء ديناميكية وأفضل رئيس شهدته في حياتها كما تقول. تعلل السيدة (ستشجولت) رغبتها في فوز هيلاري كلينتون بمسوغات عملية وليست عاطفية، فقد أحبت برنامجها في دعم شريحة الطبقة الوسطى، وتطوير التعليم، وكونها تملك خبرة 30 سنة أو أكثر من عملها الدؤوب في السياسة الخارجية، لكن ما يقلقها هو أن الحملات الانتخابية بين المرشحين الحاليين باتت تؤدي إلى الإيذاء الشخصي للمرشحين، وغدت الحملات جارحة وأشبه بعراك القطط، وهذا لم يكن يحدث في الماضي. قد تكون السيدة (ستشجولت) الحاصلة على شهادة دكتوراة في القيادة التعليمية، على بعد أيام فقط من أن تحقق حياتها سجلا كاملاً لمسيرة المرأة الأمريكية السياسية من عدم أحقيتها في التصويت إلى اعتلائها سدة البيت الأبيض. * كاتب وروائي