المظهر الخارجي والعام للإنسان يفصح عن ذوقه وأحيانا ميوله النفسية ومدى جرأته أو اتزانه.. باختصار يقول لك الهندام الأنيق والنظيف وغير المتكلف والمبالغ به أن صاحبه يحمل درجة معينة من الاهتمام والذوق العالي، وهذا ما لا يقوله صاحب المظهر غير النظيف أو المبالغ به والذي يعطي أحيانا شعورا مزعجا لمن تقع عينه عليه.. باختصار مظهرك الخارجي يفصح عن اتجاه ذوقك والأهم أنه يفصح عن وضعك النفسي وأحيانا الفكري، ومن خلاله أيضا يمكن معرفة كثير من جوانبك الشخصية والنفسية.. وبشكل عام مع ارتفاع نسبة الوعي بإتيكيت الهندام وطريقة تناول الطعام والسلام المهذب وغيرها.. أصبح معظم الناس متقاربين في هذه الناحية وتفصل بينهم فوارق بسيطة تتعلق بالرغبات والأذواق لكنها في الحدود الطبيعية والمتقاربة.. لكن الملاحظ أن الكثيرين لم يحسنوا تطبيق الإتيكيت والذوق الراقي في نواحٍ أخرى لا تقل أهمية عن نظافة وأناقة المظهر الخارجي.. كطريقة التحدث مع الغرباء في الأماكن العامة أو في المجالس التي تجمع عددا من الأفراد الذين لا يعرفون بعضهم مسبقا.. أيضا طريقة الملاطفة والمزاح.. بل إن البعض لا يجيد طريقة الترحيب والسلام في أول لقاء يجمعك به!! هناك تعامل وإتيكيت عام يدخل في مفهوم ما يسمى ب «البرستيج الأخلاقي» وهي أن تتجاوب مع الآخرين وتتحدث معهم بلطافة حتى لو كنت لا تكن لهم شعورا من المحبة.. هناك خطوط احترام وتهذيب تلتزم بها حتى مع أعدائك ومنافسيك.. فلا يجوز لك أخلاقيا ولا جماليا أن تتحدث بلغة هابطة أو مسيئة مع من تكرههم أو تختلف معهم.. والكلام غير اللائق معهم يأخذ أشكالا متعددة، فقد تقدح بهم في مجلس أو في أحد حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي.. حين تهبط بمستوى لغتك وحديثك أو عندما لا تجيد فن الحديث بشكل لبق ولطيف ستهبط قيمتك في أعين الآخرين، ولن يرفعك حينها أي مظهر وهندام وستبدو مثل ذلك الرجل الضعيف في قصة أبي حنيفة الذي لم يشفع له مظهره الوقور وملابسه الأنيقة والنظيفة عندما تحدث وتهاوت بعد حديثه كل دلالات الوقار والهيبة، وقال حينها أبو حنيفة مقولته الشهيرة «آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه» احرص أن تتعلم فن الحديث والتعامل مع الناس وطريقة التحدث بأناقة وأدب واحترام وما هي خطوط المزاح والملاطفة وحدود الجرأة.. طريقتك وحديثك واختيارك للكلمات مع الجميع، مع من تحبهم، من تكرههم، من تختلف عنهم ومن تحترمهم ومن تحتقرهم، تقول عنك الكثير، فهي تحدد مستواك الثقافي والأخلاقي والفكري والإنساني والتربوي الذي تنتمي له، وقد اختصرت مقولة الفيلسوف سقراط كل هذا وأكثر عندما قال: (تحدث حتى أراك).. كن ثابتا على مبدأ وإتيكيت عام في تعاملاتك وحديثك، ولا تكن فظا او متناقضا تختلف هويتك الأخلاقية والكلامية بحسب مقامات الناس أو مقامات الأمكنة.. جمال الإنسان معادلة متكاملة لا تستفرد به ملامحه أو أناقته الظاهرية، فطريقته في الحديث وتعامله مع الآخرين على اختلاف مستوياتهم يضيف عليه لمسة جمالية تقربه من القلوب.. لمن لم يحسنوا فن الحديث وإتيكيت الحوار والطريقة العامة والمهذبة فيه لم ينته الوقت بعد، الفرصة أمامكم للتعلم والتثقف في أناقة الكلام..