كثيرًا ما يقولون: «كرة القدم ما لها أمان»، وهذه المقولة في ظلّ التطور الفني لكرة القدم بدأت تفقد قيمتها، لكن مازالت موجودةً على أرض الواقع، وتحدث في بعض المباريات التي يكون فيها طرفٌ متفوقٌ على الطرف الآخر، كما حدث في قمة الجولة السابعة بين الهلال والاتحاد، فلم يكن أسوأ المتشائمين يتوقع خسارة الهلال من الاتحاد المكبّل بالمشاكل والقضايا، ولعلّ آخرها حرمانه من المشاركة في بطولة آسيا للأندية في نسختها القادمة بسبب الديون، إلا أن الاتحاد تفوق، وهو الأقل فنيًّا من نظيره الهلال الذي يملك كل معطيات التفوق الفنية والمعنوية والإدارية، وهو الفريق الوحيد تقريبًا الذي استعدّ للموسم بشكلٍ أفضل عن بقية الأندية المنافسة. الهلال هو أحد أهم الأندية المرشحة لبطولة دوري جميل هذا الموسم، فالمعطيات والعوامل المطلوبة لتحقيق أي بطولةٍ تكاد تكون متوافرةً في الهلال بشكلٍ خاصٍّ جدًّا، فالوضع الإداري مستقرٌّ جدًّا، والوضع المالي جيد، والرواتب تُصرف في وقتها، والمكافآت كذلك، والجهاز الفني من أفضل الأجهزة الفنية على مستوى العالم، فالمدرب (دياز) اسمٌ كبيرٌ في عالم التدريب، وقد حضر واستلم الفريق وهو في وضعٍ فنيٍّ ممتاز، ونتائج أكثر من رائعة، وكل شيء في ليلة الجمعة الماضية كان يقول الهلال سيكتسح الاتحاد وربما بنتيجةٍ كبيرة، ومع كل هذا تأبى كرة القدم إلا أن تخرج عن التوقعات والمعطيات كحالاتٍ استثنائية، لم يكن في الاتحاد عناصر قوةٍ كما في الهلال، ولم يكن في الاتحاد قوةٌ على مستوى اللاعبين الأجانب، كما في الهلال الذي شارك بكل لاعبيه الأجانب، بعكس الاتحاد الذي فقد أحد أجانبه المؤثرين في نهاية الشوط الأول، وشارك مكانه لاعبٌ صاعدٌ لم يعتد بعد على أجواء الكلاسيكو، إلا أنه قدّم نفسه كلاعبٍ جيدٍ له مستقبل، لم يكن في الاتحاد ليلة القمة أي شيءٍ يمنحه التفوق، فالمباريات الكبيرة تحتاج الى نجوم كبار بمستوى محمد نور، تعول عليهم في صناعة الانتصار في أضيق الظروف. في ليلة القمة حضرت الثقافة، التي زرعها محمد نور قبل أن يترك العشب الأخضر «الاتحاد أولًا»، وقد يتوارثها الاتحاديون جيلًا بعد جيل، ففهد المولد كان يمثل روح نور الذي انتصر على الضعف وقاتل من أجل الانتصار، وعاد الاتحاد إلى جدة بأهم نقاط الموسم، شباب الاتحاد عولوا كثيرًا على روحهم، وإصرارهم على المحافظة على اسم الاتحاد، وإعادته في أقرب وقتٍ إلى منصات التتويج، وقرروا أن تكون العودة من بوابة الدوري، وهم يسيرون الآن في هذا الطريق بشكلٍ ثابتٍ ومعتدل، وهم يقدمون صورةً جميلةً عن تحدي الظروف وقهر الصعاب، فمن فريقٍ فقد رئيسه وديونٍ تحاصره ومعطيات لا تبشر بالخير إلى فريقٍ شرسٍ ومنافسٍ قويٍّ، فكرة القدم لا تعترف إلا بالعمل والعطاء داخل الملعب، فإن حضرت الروح وقبلها العمل الصادق وفق الإمكانات، أعتقد أن التفوق سيكون حليفهم والنتائج ستكون مفرحة. دمتم بخير..