* أول خروج لمُفردة (السعودة) كان فيما أظن في عام 1401ه، 1980م أيام الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله، حين أشار إليها وشرحها معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله عندما كان وزيرا للصناعة والكهرباء، وذكرها بشكل وفير في كتابه (حياة في الإدارة)، وأظن أنها انسابت كالماء إلى بقية دول الخليج بمعناها العميق والوطني والطريف.. فبدأنا نقرأ (التكويت) من الكويت، و(القطرنة) من قطر، و(التعمين) من عُمان، و(الأمرتة) من الإمارات، و(البحرنة) من البحرين..! ولا شك أن القارئ سيلاحظ التغيير في (صيغة) النسبة لكل دولة خليجية بما يتناسب واسم الدولة، وأرى أن هذا التغيير الطريف هو من اتساع لغتنا العربية وقابليتها لمختلف الصِيغ وتكييف الكلمة بما يخدم المعنى.. ما علينا.. خرجنا من صلب الموضوع إلى موضوع لغوي.. فرضتهُ علينا مُفردة (السعودة). * فالسعودة.. أي جعل الأمور العملية (سعودية).. هي الأمنية الرئيسة التي يحلم بها كل مواطن في المملكة ابتداء من قائدها خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة وكافة المسؤولين حتى آخر وأصغر مواطن يعيش على هذه الأرض، فهي جزء هام وكبير من ترجمة الانتماء والولاء لهذا الوطن الغالي الذي نتنفس هواءه، وننعم من خيراته، ونحيا على أرضه، ونعيش في أمنه وأمانه. وهي أي السعودة حديث كل مواطن بشكل عام، وبشكل علني ودائم..، ويراها المواطن حقا من حقوقه مثلما يستشعر بالقدر نفسه واجبا من الواجبات الوطنية التي هي عليه، ويقوم بمراعاتها وأدائها والالتزام بها.. فحينما يقال: إن المواطن له حقوق وعليه واجبات.. فمن حقوقه ترجمة وتحقيق وكسب (السعودة) في كل مكان وفي كل جهة ومجال.. وهذا من نافلة القول الذي لا يحتاج ذِكرا وشرحا وبيانا. ولكن نجد المواطن في كثير من الجهات والأماكن في مناطق ومدن المملكة ترتفع شكواه من عدم وجود هذه (السعودة) بشكل ما.. في بلاده، ويواصل إعرابه عن ألمِه وآسفه بعدم تحقيق هذه المفردة بشكل صحيح وكاف، بل يصل إلى العدم في بعض القطاعات والجهات الحكومية والأهلية على السواء.. ولا شك أن ذلك لم يأتِ من فراغ ولا من عدم، ولا من ادعاء، ولا من زعم.. بل من واقع وحاجة وضرورة وحِس وطني رفيع في كل مكان. وأنت لا تجد هذا المواطن ينفر أو يبتعد عن أخيه المقيم المزاحم له في لقمة عيشه ورزقه وحياته وعمله، ولا تجده يطالب بإبعاده ليحل هو محله، ولكنه يطالب بإيجاد فرصة عمل في وطنه إلى جانب سواء كان عربيا أو أجنبيا، فالخير كثير ولله الحمد، والوطن يسع الجميع، لكن ليس على حساب أهله.. ولكن الحالة هذه ليست هكذا.. إذ لو كانت الحالة كذلك لهان الأمر، واختفت كل الآلام بل إن الوضع القائم باختصار، وبصراحة هو إبعاد المواطن وإحلال المقيم! والحالات والمشاهد، والصور والوقائع الراهنة كلها تضج بذلك وتفور.. هذا ونحن قد دخلنا فعلا في الرؤية السعودية الفتية: 2030 التي من بين أهدافها وركائزها (سعودة) الدولة بأقصى قدر ممكن.. ومساحة المقال لا تكف لعرض قصص واقعية معيشة في قطاعات حكومية وأهلية نسبة (السعودة) فيها لا تتجاوز 4% دون مبالغة، وعندي الأدلة الجلية على ذلك.. وفي المقابل يطل وزراؤنا الكرام، ورجال أعمالنا وسيداتنا على الناس بإلصاق التُهم والتقصير على المواطن السعودي، وأنه لا يقبل العمل في الشركات والمؤسسات والدوائر الحكومية وأن له مطالب وشروطا وراتبا معينا وو.. في حين أنني أترجل من سيارتي لمصافحة عامل سعودي أجده في محطة الوقود وأشد على يده وأدعو له بالتوفيق.. ولا شك أن راتب هذا العامل لن يصل إلى 2% من راتب (هامور) من هوامير البلد، مسؤولا كان أم صاحب عمل.. ونقطة أخرى قبل نهاية المقال، هي أن دول الخليج المجاورة الشقيقة استفادت أيما فائدة من مفردة (الموطنة) فنجد أبناء تلك الدول في الأغلب هم المتصدرون لكثير من الأعمال.. وأخيرا.. فإذا وجدت عبارة تقول (أن كذا وكذا.. المفترى عليها) فقُل بملء الصوت والفم والروح والصدق: إن (السعودة) هي الكلمة المفترى عليها) من قِبل من لا يريد السعودة من مسؤولين، وأصحاب الشركات والأعمال أقول ذلك والرزق على الله.. والحمد لله رب العالمين.