«يوجد شيء اسمه الفحم النظيف»، هذا ما قاله المرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب أثناء المناظرة التي جرت مؤخرا. ولكن مثل هذا الشيء غير موجود، ولن يكون كذلك ولوقت طويل، هذا إن أمكن إيجاده أصلا. من المفترض أن ترامب كان يشير إلى التكنولوجيا المسماة باقتناص الكربون، المصممة لجمع وتنظيم انبعاثات غاز أكسيد الكربون الذي تنتجه المصانع قبل انتشاره في الغلاف الجوي حيث يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. يمكن أن تكون تلك التكنولوجيا موجودة فقط في مشاريع معروضة على نطاق ضيق، ولكنها ليست قريبة من الاكتمال الذي يجعلها تكون جاهزة للاستخدام الواسع وبأسعار ميسرة. المعمل الأمريكي الوحيد الذي يجرى تصميمه لاقتناص الكربون، هو الآن تحت الإنشاء في مقاطعة كيمبر في ولاية ميسيسيبي، وهو الآن متأخر سنتين عن برنامج بنائه، وميزانيته زادت بمقدار 4 مليارات دولار عن المبلغ المقرر أصلا. كما بين معمل مماثل مدعوم بكثافة من الحكومة في مقاطعة ساسكاتشوان الكندية أن كلفة تجهيز محطات توليد الكهرباء في جميع أنحاء العالم بهذه التكنولوجيا يمكن أن تصل إلى ما هو أكثر من 17 تريليون دولار. في المستقبل القريب لا تعِد تكنولوجيا اقتناص الكربون بتقديم مساعدة تذكر في مكافحة التغير المناخي، مقارنة بالغاز الطبيعي، ومصادر الطاقة المتجددة، والطاقة النظيفة التي تنتجها المحطات النووية. ولكن حين يصر ترامب على مخالفة هذه الحقائق، فإنه يعد خائنا لعمال مناجم الفحم. ترامب يلوم الديموقراطيين ووكالة حماية البيئة الأمريكية على إخراج عمال المناجم من وظائفهم وذلك بإغلاق محطات توليد الكهرباء التي تعمل على الفحم الحجري. يمكن القول إن هذه التهمة مبالغ فيها، لأن التراجع في وظائف الفحم في الولاياتالمتحدة له علاقة رئيسية مع تطوير تكنولوجيا أفضل في مجال استخراج المنتجات من الأرض (أي التقليل من عدد العاملين في المناجم)، ويعود كذلك إلى انهيار أسعار الفحم على مستوى العالم، والمنافسة مع مصادر طاقة أرخص ثمنا، مثل طاقة الشمس والرياح والغاز الطبيعي. من الصحيح أيضا القول، إلى حد ما، إن التحول بعيدا عن الفحم الحجري هو أيضا نتيجة الأنظمة الفيدرالية المشددة، وأولها الحد من انبعاث أكاسيد النيتروجين والكبريت، والزئبق ومسببات أخرى للمخاطر على الصحة العامة، ومؤخرا الحد من الغازات الدفيئة. جعلت هذه القوانين من الطاقة المستخدمة في تشغيل محطات توليد الكهرباء أكثر كلفة، وإذا استمرت قيود وكالة حماية البيئة الأمريكية هذه سارية المفعول في أعقاب مراجعة قانونية، فيمكنها أن تدفع بالولايات إلى إغلاق بعض معامل الفحم الحجري. وهذا سيكلف فقدان بعض الأعداد من وظائف الأمريكيين. ولكنه سيتسبب أيضا في إنقاذ أرواح الكثيرين، والتقليل من حالات الإصابة بالربو وبعض الأمراض التنفسية في أنحاء العالم. ببساطة من الخطأ القول إن القوانين التنظيمية يمكن إلغاؤها دون أن تترتب تكاليف معينة على ذلك، لأن معامل الفحم يمكن تعمل فجأة بطريقة لا ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون. إن طريقة مساعدة العاطلين عن العمل من عمال المناجم هي التدريب على العمل والتطوير الاقتصادي المحلي والمساعدة المالية المباشرة، وليس عن طريق تقديم وعود مستحيلة.