تتمتع السعودية والأردن بعلاقات أخوية تجللها الثقة المتبادلة بين البلدين منذ عقود طويلة، فيما تتجه صيرورتها نحو مزيد من التراكم الإيجابي، الذي يؤكد وحدة المصير المشترك، خاصة في ظل إقليم ملتهب، وتستهدفه «مشاريع الشيطان»، سواء أكان فارسياً أو صهيونياً أو غربياً، من كل حدب وصوب. المملكتان، تخطوان الآن بثقة نحو آفاق جديدة للعلاقات الثنائية، بتوجيه سام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبإدارة وليي عهده، وبانفتاح أردني مشرّع، يرعاه عن كثب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وتخطو علاقات المملكتين خطوة جديدة بزيارة وفد أردني رفيع، يقوده رئيس الوزراء الأردني د. هاني الملقي، إلى قبلة العرب والمسلمين، محملاً فيها بأجندة متعددة العناوين، تؤكد على محورية المملكة، عربيا وإسلاميا ودوليا، التي باتت رأس الرمح في مواجهة كل ما يحاك للمنطقة. السعودية، التي رفعت مبكراً راية الأمة في غير واقعة، تشكل اليوم، وفق الخبراء، الركيزة المحورية للنظامين العربي أولاً والإقليمي ثانياً، اللذين تهددتهما موجات «الربيع العربي»، فيما يقفان اليوم على حد «الحزم» و«الأمل»، اللذين أطلقتهما المملكة استجابة لإرادة شعبية طاغية، وتأثيثاً لركاب الغد العربي. ويقول الوزير السابق والبرلماني المخضرم د. حازم قشوع: «المملكة تشكل السند الأقوى للنظام الرسمي العربي، الذي اهتز بفعل موجات الربيع العربي، فيما الأردن هي الحليف الأوثق والأرسخ». ويرى د. قشوع، الذي استطلعته «اليوم»، أن «السعودية حملت مسؤولية الدفاع عن العالم العربي، وأخذت زمام المبادرة في مواجهة التحديات، التي تعترض وجود الأمة ومستقبلها، وباتت الدولة الطليعية والمحورية في الإقليم». ويعتبر قشوع، الذي يقود واحداً من الأحزاب الأردنية الوسطية واسعة النفوذ محلياً، أن الزيارة في هذه المرحلة الدقيقة، تعكس عمق العلاقات بين البلدين، التي تعتبر واحدة من نماذج العلاقات الأخوية الصادقة. وتتوزع أجندة الزيارة، وفق قشوع، بين «العلاقات الثنائية» و«ملفات الإقليم». ويتفق مع قشوع الخبير الأردني لقمان سعادة، الذي يرى أن الزيارة تأتي تعبيراً عن عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتنسجم أجندتها مع حوارات سابقة، وتتسق أيضاً مع فلسفة منظومة العلاقات الخليجية الأردنية عموماً. ويقول سعادة، في حديث ل «اليوم»: إن الذاكرة العربية زاخرة بما تختزنه من عوامل الفرقة والشتات، إلا أنها اليوم تسجل بحروف من ذهب ذاكرة جديدة، تعترف أولاً؛ بطليعية المملكة في التصدي للمخاطر، وتقر ثانياً؛ بضرورة ووجوب التأسيس لعلاقات بينية راسخة وصادقة في آن واحد، ليقود هذا ثالثاً؛ إلى مقاربة عربية موحدة وناضجة «. وتشكل زيارة الفريق الأردني، وفق سعادة، إضافة نوعية، وذات جدوى سياسية عالية، في مواجهة«مشاريع الشيطان» في المنطقة، وستصب في صالح مواجهة قوى الاستبداد والطغيان، ممثلة في أدوات نظام الملالي (نظام الأسد والحوثيين والميليشيات الصفوية). ولم يستبعد سعادة أن تسفر اللقاءات السعودية الأردنية عن مزيد من التوافقات في الملفين الأمني والعسكري، خاصة أن الطرفين ينطلقان من القواعد والأسس ذاتها. وعلى المستوى الاقتصادي، تحمل الزيارة أفقا لاختراقات اقتصادية، وفق ما يقوله الخبير الاقتصادي الأردني خالد الزبيدي، الذي يبدي تفاؤلاً كبيراً في تحقيق منافع اقتصادية تشكل انفراجاً أردنياً. ويعترف الزبيدي، الذي استطلعته«اليوم»، بأن الاختراق الاقتصادي المأمول يتأثر إلى حد بعيد بالعوامل السياسية، خاصة أن المشرق العربي برمته في أتون مرحلة تأزيم حقيقي، سواء في جنوبه باليمن، أو شرقه حيث العراق والموصل، أو شماله في حلب وعموم سوريا. ويتفق الخبير الاقتصادي د. محمد البشير مع الزبيدي حيال الاختراقات الاقتصادية الإستراتيجية، ويقول ل«اليوم»: إن الطموح الاقتصادي الأردني، حيال المشاريع الإستراتيجية، قد يصطدم بالظروف السياسية والأمنية للمنطقة، بينما قد تشكل نتائج معركة الموصل فاصلا مهما في هذا الجانب. وبين البشير أن زيارة الفريق الأردني تؤسس لعلاقات مستقبلية أكثر رسوخا. ويذهب الخبير الاقتصادي الأردني حسام عايش، في حديثه ل«اليوم»، إلى القول بأن«تميز العلاقات مع المملكة، يجعل الأردن طموحاً بأن يكون ركناً ركيناً للاستثمارات السعودية، خاصة في ظل رؤية 2030، التي يقودها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان». ولفت عايش إلى«تطوير الأردن لمقاربات استثمارية وتشريعية في أعقاب زيارة ولي ولي العهد للعاصمة عمان، وأيضا الآمال التي عقدت على المجلس المشترك الأردني - السعودي بعد الزيارة».