توقع سياسيون أردنيون أن يحمل العاهل الأردني مبادرة سياسية للحل في سوريا، مستندين في ذلك إلى جولات وزيارات مكوكيَّة قامت بها الدبلوماسية الأردنية بدءاً من لقاء الملك بالرئيس الروسي، ولقائه اليوم بالقيادة التركية، وإيفاده وزير الخارجية للقاء الرئيس اللبناني، بالإضافة إلى لقائه بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قُبيل زيارته إلى موسكو قبل نحو أسبوع. وقال مصدر أردني رفيع، إنَّ الأردن يحاول استكشاف المواقف في محاولة لتقديم حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها التي بدأت تظهر نتائجها وتداعياتها على الساحة الأردنية، فأصبحت الأزمة السورية شأناً أردنياً داخلياً بسبب الآثار التي تعرض لها الأردن خلال العامين الماضيين. وقال المحلل السياسي، فهد الخيطان، ل «الشرق»: إنَّ رصد الاتصالات والزيارات التي قام بها الملك عبدالله الثاني لعدد من الدول وحركة الدبلوماسية الأردنية النشطة خلال الأسبوعين الماضين تشير إلى موقف في الأفق يمكن أن يستثمره الأردن للوصول إلى حل سياسي يمكن تسويقُه على الأطراف في النزاع على سوريا. العاهل الأردني اليوم سيقوم بزيارة لتركيا يلتقي خلالها برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لبحث الملف السوري، خاصة أن الأردن بدا يعاني من أزمة اللجوء السوري التي بدأت تؤثر على البنية التحتية للدولة والموارد الاقتصادية. ويقول النائب وأمين عام حزب الرسالة، الدكتور حازم قشوع، ل «الشرق»: إنَّ الأردن يملك مقومات سياسية وإنسانية يستطيع التحرك من خلالها لتقديم مبادرة دولية للحل في سوريا. وقال النائب قشوع، إنَّ المبررات الموضوعية لإمكانية قبول أي مبادرة أردنية تتمثل بموقف الأردن المحايد بين النظام السوري والمعارضة السورية، كما أنَّ الأردن دعى وتبنَّى الحلَّ السياسيَّ وابتعد عن الحل العسكري للأزمة في سوريا، بالإضافة إلى كونه دولة حدودية مع سوريا. أما المحرك الإنساني الذي يمكن أن يتحرك من خلاله لطرح مبادرة للحل في سوريا تتمثل في استقباله لأكثر من 450 ألف لاجىء سوري بالإضافة إلى العلاقات التاريخية بين البلدين على المستوى الديمغرافي وعلاقات النسب والقرابة والأجواء التنموية بين البلدين، حيث السدود والصناعات والعلاقات التجارية وربط الغاز. غير أن أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حسن البراري يرى أنَّ الأردن لا يملك المقومات والمبررات الموضوعية لمثل هذه المبادرة؛ لأنَّ الأردن غير مقبول عند النظام والمعارضة السورية، فالنظام يعتبر الأردن يسير في فلك الحل الأمريكي، والمعارضة لها ملاحظات على الأردن لأنه لم يساندها منذ البداية. وتابع البراري ل «الشرق» أنَّ الاردن يستكشف الأوضاع وسياقات الحل في سوريا، مشيراً إلى أنَّ أدوات الحل مرتبطة بالتوافق الدولي والإقليمي؛ فالأردن لا يحظى بعلاقة جيدة مع إيران ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وهما طرفان أساسيَّان للحل في سوريا. ويرى البراري أنَّ الروافع لأي مبادرة أردنية يجب أن ترتكز على دولة عربية لها ثقل إقليمي ودولي كالسعودية، بالإضافة إلى شبكة علاقات دولية، حيث يتمتع الملك عبدالله الثاني بعلاقات مع الأمريكان وعلاقة شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي. وأعاد البراري إلى الذهن المبادرة الاستكشافية التي قادها الأردن بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل عامين ولم تسفر عن شيء؛ لأنَّ الأردنَ ليس لديه روافع إقليمية ودولية.