انقضت أيام عاشوراء، وتصرمت لياليه، التي عشناها في محافظة القطيف في شهر محرم هذا العام، بأمن وأمان، بيسر وسلاسة وهدوء، دون أن يتمكن أصحاب الفكر الضال من الإخلال بأمن الوطن، دون أن يتمكنوا من إلحاق الضرر بالبلاد أو العباد، بعد أن أغلقت الثغرات أمامهم، ووضعت القيود من حولهم، وجُندت كل الطاقات الأمنية للإيقاع بهم والقضاء عليهم، فلله الحمد والشكر على ذلك، تم ذلك بعد دور كبير قام به رجال الأمن بالتعاون مع المواطنين، وتحت إشراف كامل من سعادة محافظ القطيف الأستاذ خالد الصفيان، الذي بذل جهدا مشكورا وواضحا في هذا المجال، فله كل الشكر والتقدير على ذلك الدور الكبير، الذي اتضحت نتائجه بالنجاح الذي تم، والجهات الأمنية التي وضعت خطة محكمة حول المنطقة، وكشفت من جانب آخر أنها اعتقلت مجموعة من الدواعش كانت تهم بالقيام بأعمال إرهابية، وليس من المستبعد أن مجموعات أخرى تراجعت عن فعلها، بعد أن قذف تواجد الجهات الأمنية الرعب في قلوبهم، فلله الحمد والشكر، والشكر موصول لكل مَنْ قام بأي جهد في هذا الجانب من رجال أمن ومسؤولين ومواطنين حماة الصلاة وحراس النظام، الذين سهلوا للحضور التواجد بيسر وسهولة، متكلين على الله وواضعين ثقتهم في تلك الأيدي الأمينة والحريصة على سلامتهم. هذا الجهد العظيم الذي ُبذل، كان من أجل حماية الشعائر والبرامج والأنشطة الثقافية المختلفة التي أقيمت على مدى ثلاثة عشر يوما، من أجل أن تتم في أمن وسلام وراحة، وأحد تلك البرامج هو الذي قدمه الشيخ الدكتور فيصل العوامي، وكان يشتمل على الكثير من النصائح التربوية والثقافية العامة، وقد كان محور أحدها الدعوة إلى الانفتاح بين كل أطياف المجتمع، ومؤكدا في جانب آخر ضرورة تعزيز مفهوم المواطنة، حيث إن مفهوم الدولة الحديث قائم على ذلك، ولا مجال فيه للانعزال، مستشهدا بنموذج الهند التي تتكون من آلاف الديانات والمذاهب واللغات، إلا أنها استطاعت أن تكون دولة حديثة وقوية، حيث حيّد المواطن فيها الدين والمذهب والعقيدة في علاقته مع غيره، وركز على وحدة الوطن، واختتم الشيخ العوامي حديثه بنقاط أربع من منطلق شرعي، أكد فيها أولا أن الإنسان الذي يعيش في بحر وطن، لا بد أن يعيش بأطر ذلك الوطن، وثانيا دعا إلى ضرورة الالتزام بالقانون من منطلق شرعي لا جدال فيه، وثالثا أشار إلى ضرورة المحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي، لان فيها مصلحة كل المواطنين، ورابعا شجع على المساهمة في التنمية الاقتصادية في الوطن، فهي من علامات المواطنة. هذا النفس الوطني الحقيقي، الذي عبر عنه الشيخ العوامي عبر عنه أكثر من خطيب في نفس الفترة، كما عبرت عنه مجموعة من شخصيات الرياض زارت المحافظة في نفس الفترة، وعلى رأسها الدكتور عبدالرحمن المحرج، الذي عبر عن اعتزازه بزيارة المنطقة، مؤكدا أنه يزور القطيف منذ عشرين عاما، ومؤكدا ضرورة التواصل والتلاقي من أجل وحدة هذا البلد، ومن أجل أمنه واستقراره، ويجب ألا نتيح للمغرضين دق إسفين الفرقة والخلاف بيننا تحت أي مسمى، حمى الله بلدنا من أي مكروه، وأدام علينا الأمن والاستقرار، انه سميع مجيب.