بعد انقطاع دام اربع سنوات عاد الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والجمهورية التركية في دورته الخامسة للإنعقاد يوم الخميس الماضي في مقر الأمانة العامة بالرياض، حيث بحث وزراء الخارجية (وبمشاركة وزير الاقتصاد التركي) مستجدات المنطقة ذات الطبيعة المتأزمة، وأهم القضايا الاقليمية ذات الاهتمام المشترك وخاصة الوضع في سورية والعراق، حيث أعرب الوزراء عن ارتياحهم للجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وتركيا. وبهذه المناسبة بإجراء حوار هادف ومستمر حول مختلف القضايا، سعيا لإحراز تقدم في الأولويات المشتركة. عقد جولة الحوار الخليجي التركي الخامسة دليل واضح على النجاح في تجاوز التبعات السياسية والنفسية للأزمة المصرية (يوليو 2013م) بشكل واضح مع التأكيد على ان ذلك لن يكون على حساب العلاقات الخليجية المصرية، كما ان عقد الاجتماع مؤشر على حدة التنافس الإقليمي بين تركيا وبعض دول المجلس قد تلاشت وسط قناعة القيادات السياسية بضرورة تعزيز التعاون ليس فقط لتحقيق المصالح المشتركة، بل لمواجهة التهديدات المستجدة وغالبها خطير وجسيم. ولعل ما يحتاجه الجانبان الان هو ضرورة تحييد تأثير وأصوات (فرق سياسية معينة) طالما ساهمت في تسميم العلاقات الخليجية التركية وقدمت مصالحها السياسية على حساب المصالح الخليجية والتركية وقد حان الوقت وخاصة من الجانب التركي لوضع المصالح التركية فوق كل شيء. التعاون الفني والاقتصادي هام لضمان زيادة مأسسة العلاقات الجماعية ومن هنا جاء الاتفاق على تمديد خطة العمل المشتركة الحالية بين مجلس التعاون وتركيا الى نهاية العام 2018م، وتطويرها بما يتلاءم مع تطورات التعاون الاستراتيجي المشترك. وينتظر ان تبدأ فرق العمل بعقد اجتماعات حول التجارة والاستثمار، الزراعة والأمن الغذائي، المواصلات والاتصالات، الطاقة، البيئة، السياحة، الصحة، الثقافة والتعليم، وتكثيف الجهود من أجل تنفيذ خطة العمل الاقتصادية المشتركة، ولعل حضور وزير الاقتصاد التركي لأول مرة الاجتماع الخليجي التركي دليل حاجة ورغبة تركية لتسريع دفة العلاقات الاقتصادية، وجاءت الاستجابة الخليجية بالعزم على تعزيز التجارة والاستثمار وازالة العوائق التجارية والاستثمارية في اقرب وقت ممكن ومنها إنشاء منطقة تجارة حرة بين مجلس التعاون وتركيا في اقرب وقت ممكن، من خلال استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة. تأكيد الاجتماع على تضامن دول مجلس التعاون الخليجي مع تركيا في مواجهتها لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو 2016م، وترحيبه بتجاوز تركيا لهذه المحاولة، والتعبير عن دعم الخليجيين للإجراءات التي اتخذتها وتتخذها دعما في الحفاظ على أمن واستقرار تركيا بقيادة الرئيس أردوغان، دليل متجدد على الاولوية التى تمليها دول الخليج للاستقرار في تركيا. هو دليل على أهمية التواصل المشترك ومنع اي أطراف تستغل اي حدث سياسي وتتصيد في الماء العكر، وبث الشائعات المغرضة لضرب العلاقات بين الطرفين ولعل الجديد ان هناك مراجعة تركية جادة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة - خلاصتها الاستفادة من اخطاء الماضي ورفض وجود أية مؤثرات سلبية قد تعيق العمل التركي الخليجي المشترك كما حدث خلال الأربع السنوات الماضية. تعبير الوزراء عن رفضهم الجماعي لإقرار الكونغرس الأمريكي مؤخرا قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا»، وتأكيدهم على أنه يخالف مبادئ القانون الدولي، وخاصة مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، والتعارض مع المبادئ التي تحكم العلاقات والأعراف بين الدول، بما هي ذلك مبدأ الحصانة السيادية يحمل رسالة تحذير سياسية لواشنطن من اقدم واهم الحلفاء في المنطقة، وهو ما يعني انه وفي حالة عدم اعادة النظر في المشروع فان الانعكاسات السلبية على العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية سيكون أمرا واقعا في المستقبل. تأكيد البيان الختامي على اتفاق الوزراء على عقد اجتماعهم المشترك القادم خلال عام 2017م في تركيا يدل على عودة قاطرة التعاون الإستراتيجي الخليجي التركي إلى الطريق من جديد، والاتفاق الضمني على ان يكون التنسيق عبر بوابة مجلس التعاون الجماعية وليس عبر اي بوابات خلفية، وهذا امر ملح ولعل الأكثر إلحاحا هو ضرورة توسيع العلاقات التركية الخليجية من علاقات حكومات تدفعها مصالح إقليمية مؤقتة الى علاقات شعبية وثقافية واقتصادية قوية ودائمة، وهذا ما سيضمن توحيد المصالح وتقارب رؤى السلوك السياسي للطرفين الخليجي والتركي.