كل دول العالم تعتبر أن ثروتها الحقيقية هي مواردها البشرية وأنهم هم صناع التنمية في كل زمان ومكان، ولذا جاء دور التربية والتعليم في مقدمة متطلبات التنمية. لكن الملاحظ أن بعض وسائل التربية وبعض الدعاة أغفلوا الاهتمام بالسلوكيات والعلاقات الأسرية والاهتمام بالاسرة، حيث تعتبر الأسرة الأساس القوي لأي مجتمع والعنصر الرئيسي الفاعل في نجاحه من عدمه، وذلك لما لها من أهمية بالغة في إنشاء الجيل المتأهب حامل المسؤولية المطلوبة لدفع عجلة التقدم والتطور والذي ينعكس على نجاح المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً. وحيث إن هذا النجاح يعتمد على مسؤولية الوالدين في الأسرة ودورهم فإن التقرب من الأبناء ضرورة قصوى في عصرنا الحالي وإهماله يضر الأسرة بدرجة كبيرة، ويتمثل التقرب في اتباع الطرق الحسنة والأساليب التربوية التي تعلمناها من ديننا الإسلامي الحنيف في التعامل وزرع المبادئ الأخلاقية والقيم السمحة في الأبناء والسلوكيات الصحيحة ليصبحوا مثالاً يحتذى في ظل التطور الحالي في كافة المجالات والذي يعتبر التحدي الأصعب للوالدين في احتواء الأبناء والتحاور معهم والوقوف الى جانبهم في كافة الأوقات حتى يكون ذلك حاجزاً منيعاً يصد العواصف التي قد تدمر ما يُغرس في الأبناء من قيم ومبادئ، فعندما يكون الآباء النموذج الحسن الذي يلتزم بالآداب والأخلاق والقيم الفاضلة كالمحبة والتقوى والورع والتعاون فإن الأبناء يتأثرون بهذا النموذج ويحاولون تقليده والعكس صحيح، فالأسلوب الآخر ينتج التفكك الأسري وينعكس ذلك على علاقات الزوجين بالأبناء وبالمجتمع ككل. أما التحديات التي تواجه الأسرة في عصرنا الحالي فهي وجود الأبناء المحاصرين بالتكنولوجيا والتي تحتاج الى المراقبة والتقرب اليهم للحيلولة دون الوقوع في شباك المواقع السيئة أو التحريضية بالتوجيه والمتابعة والمشاركة والعمل على إيجاد النشاطات التي تتناسب مع الأبناء كالنوادي الاجتماعية أو الرياضية وغيرها مما ينعكس ذلك على الأبناء ايجابيا في استغلال اوقات الفراغ وإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية والتعليمية. إن استقرار المجتمعات يرتكز في الأساس على استقرار الأسرة لأن ذلك يولد الأمن والأمان وهي نعمة عظمى وغاية كبرى تسعى إليها كل المجتمعات لتستقيم الحياة وترتاح القلوب والنفوس ويكون هدفها الابداع، ولو حصل اختلال في المجتمع في بعض نواحي الحياة كارتفاع سلعة معينة أو نقص فيها فإن الضرر الذي ينتج عن ذلك يكون محدودا على المجال الذي وقع عليه فقط ويمكن إصلاحه وإيجاد البديل، ولكن اذا تأثر ميزان الأسرة في المجتمع بشكل متسارع فإن ذلك يؤدي الى زعزعة المجتمع بكافة جوانبه واختلال النظام العام مما يوقف حركة البناء وعجلة الإنتاج وهذا ما تقوم الدولة أعزها الله على تجنبه دائماً، فهي تركز جهودها على فئة الشباب من خلال منحهم التعليم العالي والدعم الوظيفي المهني والدعم المالي والاجتماعي والثقافي، ولا تهمل الترفيه والتطوير بكافة السبل وكافة الطرق داخلياً وخارجياً للحفاظ على مقدرات الأمة ونهضتها واستقرارها وكذلك إنشاء المؤسسات الخدمية والاجتماعية التي تعنى بدعم الأسرة وتثقيفها ومساندتها. إن الاهتمام بالتربية الصالحة للأبناء ينعكس مباشرة على المجتمع وتكون النتائج واضحة، فلذلك تسعى الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج (أواصر) للحد من بعض الظواهر الخطيرة والمرتبطة ارتباطا مباشرا بظاهرة التفكك الأسري والذي يعد أحد أسباب الزواج العشوائي من الخارج، وتعمل الجمعية جاهدة بمساعدة الجهات الحكومية ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد المهتمين بالعمل الخيري والاجتماعي على تثقيف المجتمع بكافة الوسائل والإمكانيات من خطر التفكك الأسري ودوره في هدم الأسرة وضياع الأبناء، وهذا ما سعى له صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (رحمه الله) عندما أمر بإنشاء الجمعية لدعم الأسر السعودية في الخارج وتقديم كل الدعم لها بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة ومد يد العون لها ومساعدتها على العودة إلى أرض الوطن بما يتناغم والأنظمة الرسمية ويرضي طموحات الوطن والمواطن، وستستمر المسيرة بإذن الله وبدعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري للجمعية في ظل حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين– يحفظهم الله.