في هذا العصر هي سلاح من اسلحة العدو. ومصدر من مصادر الخبر كذباً وصدقاً. يستخدمه ويُعمِّد طابوره الخامس ليقوم بالمهمة، دون التركيز على مصدر يؤكد صحتها دون تحريف– زيادة أو نقصانا– في سرد خبر يحتوي على جزء ضئيل من الحقيقة.. ولا شك أن الشائعة سلاح فتاك من اسلحة حرب هذا الزمان النفسية وكل شائعة لا تخلو من الحقيقة ولو بشكل ضئيل ولأهمية الحدث شأن كبير في انتشاره وكذلك لا بد أن يتوافر لكل شائعة جوها المناسب ولا بد أن نلحظ شيئاً واحداً وهو الوضوح أو الغموض فالوضوح يجهض الشائعة ولا يسمح لها بالانتشار. إن الغموض الذي يحيطها بغياب الوضوح يعني غياب التفسير الدقيق للموضوع الأمر الذي يدفع إلى تكوين اجتهادات تفسيرية تحاول فك شفرة الغموض تلك الاجتهادات التفسيرية سواء كانت مغرضة ام لا هي ما تمثل لب الشائعة مع العلم بأن الغموض وحده لا يدفع إلى الاجتهاد في التفسير إذ لا بد من توافر الاهمية للموضوع. إذن الاهمية لخبر الشائعة وغموض أحداثها هما المغذيان الاساسيان للشائعة. كذلك عن مدى شدتها أو ضعفها حسب درجة كل شرط من الشروط. تتراوح حركة الشائعات بين أشكال ثلاثة هي السرعة والبطء ومعاودة الظهور والاختفاء وتأخذ الشائعة أياً من هذه الحركات بصرف النظر عن كونها شائعة فردية أم جماعية. فالشائعة العاصفة: والشكل الذي يتميز بالسرعة في الظهور والانتشار يمكن أن نطلق عليه الشائعة العاصفة لأنه يشبه في سرعته سرعة العاصفة في الانطلاق والتتابع والانتشار حيث يشمل مجموعة كبيرة من الناس في فترة زمنية قصيرة وأكبر مجال يظهر في هذا النوع من الشائعات هو مجال الحرب والكوارث الجماعية. والشائعة الهامسة: هي التي تكون حركاتها بطيئة وفي سرية وحذر الامر الذي يجعلها بطيئة في الوصول إلى أكبر عدد من الناس. والذي يجعل بعض الشائعات تتخذ هذا الشكل البطيء في الحركة هو السرية والحذر اللذان يحيطان بظروف نقلها نظراً للخوف الذي يستشعره ناقلو الشائعة إذا كانت متعلقة بشخصية قوية البطش والسلطة وفي أحيان أخرى يكون سبب بطء حركة الشائعة عدم توافر القدر الكافي من الاثارة الكامنة في الشائعة أو عدم قدرة الشائعة على تحقيق الاشباع النفسي الكافي. وينقسم الناس في تقبل الشائعة من عدمه. كمن حباه الله عقلاً يزن به الأمور صحيحها من فاسدها ويفرز الصالح من الطالح مع الحرص الشديد على الاستعداد النفسي والعقلي.. إذن الشائعة عندما تولد تحتاج إلى حصن فيه الاهمية والغموض والاستعداد النفسي في مثل هذا الحصن تنشأ الشائعة وتنمو في حقل من الاضطراب.. والشائعة تنمو وتنتشر بشكل سريع كالنار في الهشيم وعلماء النفس صنفوها إلى عدة أقسام فمثلاً سموا بعضها العاصفة والبعض سموها الهامسة. والكراهية والغَيرة هي موقد الشائعة ومطحنتها وبلادنا حرسها الله تتعرض للغيرة من دول اقليمية لمركزها ومكانتها وعلو كعبها وتتعرض للحسد. والحسد: تمني زوال النعمة من صاحبها فقط. فكل ذي نعمةً محسود. فدولتنا العريقة مستهدفة في كل شيء في موقفها وثباتها في ثروتها وفي شبابها وشموخها فلا جرم أن تتكالب عليها ضباع الارض ليأكلوا إنسانها ودينها وأرضها وكل حسناتها. ولكي نميت الشائعة في مهدها علينا: عدم التعجل في تقبلها ونقلها دون استفهام او اعتراض. عدم ترديد الشائعة لان في ترديدها زيادة انتشار لها مع اضفاء بعض بل كثير من الكذب عليها وكما قيل في المثل الروسي (الكذب كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها). عدم المبالاة أو إظهار التعجب والاهتمام عند سماعها من أطراف أخرى والتشكيك في صحتها فهذا بحد ذاته يخفف فورتها. محاولة الرد على الشائعة في الصحف وما شاكلها إذا كانت ناشئة من أو إنها بلغت بين الناس مبلغاً عظيماً فإن في بيان بطلان الشائعة أمام أكثر عدد من الناس أسرع وسيلة للقضاء عليها وإخماد ذكرها. والله المستعان.