«فنلندا» كانت من أسوأ دول العالم في التعليم، واليوم تحتل المركز الأول فى جودة التعليم! فكيف وصلت فنلندا الى هذا المركز بعد أن كانت فى القاع؟ باختصار شديد اعترفت أولا وزيرة التعليم بسوء التعليم وسوء مخرجاته ومن هُنا انطلقت خطوات التصحيح فكانت أولى خطواتها بناء منظومة متكاملة من المدارس ذات المواصفات العالية من الجودة روعي فيها أن يجد الطالب والطالبة من المتعة ما لا يجده فى أي مكان آخر من ألعاب وصالات ومسابح ودور للسينما التعليمية ومطاعم وجزء كبير من الطبيعة ليستمتعوا بوقت أطول في اللعب والإبداع وتفريغ طاقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع، وكانت الخطوة التالية إيجاد طاقم تعليمي مميز، وحتى يصبح المعلم مؤهلا لمنصبه سواء في مدارس المرحلة الابتدائية أو الثانوية يجب أن يكون حاصلا على درجة الماجستير، فالتدريس مهنة جليلة والتنافس على الالتحاق ببرامج الجامعة التابعة للمسار التربوي شديد. فالمعلم المرتقب يجب أن تكون درجاته جيدة جدا وعليه أن يكافح من أجل أن يصبح معلما، وبهذا يعتبر حوالي 10٪ فقط من المتقدمين لوظيفة معلم ناجحين، ويتسابق على هذه المهنة آلاف الخريجين لمردودها المادي الممتاز ووجاهتها الاجتماعية المرموقة، حتى أن المعلم او المعلمة فى فنلندا لديهم امتيازات لا تعطى لوزير مفوض! بعد ذلك بدأ الفنلنديون محاولة ترميم تعليم التلقين من خلال ربط الطالب والطالبة بمدرستهما وحبهما لها، فجاء إلغاء الواجبات المدرسية المنزلية واقتصار اليوم الدراسي على ثلاث الى أربع ساعات مطبقين نظرية «اللعب بالتعليم» حتى أن بعض الدروس تعطى للطلبة وهُم يتسلقون الاشجار او يخوضون فى الجداول! من أجل أن يستمتع الطلبة بطفولتهم ويحببون للتعليم والتعلم، وقلصوا العام الدراسي ليكون أقصر عام دراسي فى الغرب بأسره! واستندت الاستراتيجية الفنلندية لتحقيق المساواة والتميُز في التعليم على بناء نظام تعليمي شامل ممول من قبل القطاع العام أثناء التعليم الأساسي المشترك، هكذا قفزت فنلندا محدودة الموارد من القاع الى القمة، مجرد اصلاحات وعزيمة وتنفيذ. ما دفعني لأن أكتب عن التجربة الفنلندية هو خبر في هذه الصحيفة كتبه بمرارة أحد أولياء الأمور عن نقل الابتدائية الثالثة بالثقبة «دون أشعار لأولياء الأمور ولو برسائل جوال»!! إلى مدرسة تبعد عن مدرستهم أكثر من ألف متر! ولعل هذا الاجراء كان أمرا لا بد منه ودبر بليل، فمن المستحسن من إدارة التعليم بالمنطقة الشرقية أن تعد مدرسة لهن فيها شبه منشأة تعليمية مثل دورات مياه نظيفة وصالحة ومقاعد متوافرة ومريحة، فما شاهدناه من صور مرفقة مع الخبر شيء غير مقبول وغير متوقع وكأن هناك برميل «بشاري» وقع على رؤسهن! وقيل فى الخبر إن التلميذات تكدسن فى فصول تجاوز بعضها الأربعين طالبة واحتارت المعلمات كيف ينظمن هذا الحشد الوردي فلا كتب ولا جداول لاسبوعين! رأينا شيئا مخجلا ومعاملة غير متوقعة لزهرات المستقبل، فقط كُنت أتمنى أن تكون ابنة احد قيادات التعليم ضمن تلك المجموعة، فقط هل يرضى أن تستمر ابنته فى هذا المعتقل التعليمي؟ والله المستعان.