طفرة الاهتمام الفكري بالدكتور محمد إقبال حصلت سنة 2008م، فمن جهة نشرت عنه أربع مقالات، ثلاث منها نشرت في صحيفة عكاظ هي على التوالي: المقالة الأولى حملت عنوان: (إقبال يحاور فريدريك نيتشه في حضور زرادشت)، نشرت بتاريخ الجمعة 8 رجب 1429ه/ 11 يوليو 2008م، المقالة الثانية بعنوان: (محمد إقبال وديكارت.. حوارات الروح والجسد) نشرت بتاريخ الجمعة 15 رجب 1429ه/ 18 يوليو 2008م، المقالة الثالثة بعنوان: (إقبال والفلسفة الذاتية) نشرت بتاريخ الخميس 28 رجب 1429ه/ 31 يوليو 2008م. المقالتان الأولى والثانية أعادت نشرهما صحيفة الغد الأردنية مع تغير في عنوان المقالة الأولى، إذ أصبح عنوانها: (إقبال ونيتشه ونظرية العود الأبدي) نشرت بتاريخ 26 يوليو 2008م، والمقالة الثانية نشرت بالعنوان نفسه بتاريخ 2 أغسطس 2008م. المقالة الرابعة حملت عنوان: (محمد إقبال من ما وراء الطبيعة إلى تجديد التفكير الديني)، نشرت في مجلة الكلمة العدد 59، السنة الخامسة عشرة، ربيع 2008م/ 1429ه، وجاءت في أربع عشرة صفحة. حاولت في هذه المقالة المقاربة بين كتابي إقبال (تطور ما وراء الطبيعة في إيران)، وهو في الأصل رسالة الدكتوراة في الفلسفة أعدها إقبال باللغة الإنجليزية، وناقشها في جامعة ميونخ بألمانيا سنة 1908م، ونشرت في كتاب في العام نفسه بالإنجليزية في لندن، وبين كتاب (تجديد التفكير الديني في الإسلام)، وهو آخر وأهم مؤلفات إقبال النثرية الصادر بالإنجليزية في مطلع ثلاثينات القرن العشرين. وتكمن أهمية هذه المقاربة أن مع الكتابات الكثيرة والمتنوعة التي تحدثت عن إقبال وتجاربه الشعرية والدينية والفكرية، إلا إننا لا نجد في المجال العربي مقارنة أو مقاربة تجمع وتربط بين كتابيه (تطور ما وراء الطبيعة في إيران)، و(تجديد التفكير الديني في الإسلام)، على أهمية وقيمة مثل هذه المقارنة أو المقاربة في كشف ملامح التطور الفكري، وتحولات التجربة الفكرية عند إقبال، وفي فحص وتشخيص ما بين الكتابين من مشتركات ومفترقات، وكيف تجلى إقبال فيهما، وما هي الصورة التي ظهر عليها في كليهما؟ ومن اللافت أن مثل هذا الربط لا نلمسه حتى عند إقبال نفسه، فقد تتبعت كتابه (تجديد التفكير الديني في الإسلام) فاحصا فيما إذا كان قد ورد ذكر لكتابه (تطور ما وراء الطبيعة في إيران)، فوجدت أنه لم يأت على ذكره قط، رغم ما بينهما من اتصال، وبالذات فيما يتعلق بالحديث عن التصوف عند المسلمين. ومع هذا الاتصال كان بإمكان إقبال أن يشرح أو يوضح ما حصل عنده من تطور وتغير، أو بقاء وثبات في أفكاره ونظراته، خصوصا وأن هناك تغيرا حصل في بعض نظراته، وقد تطرق إقبال إلى شيء من هذا القبيل لكن على نطاق خاص، لا يعرفه إلا بعض المقربين منه. وهذا ما شرحه ابنه الدكتور جاويد إقبال في كتابه (النهر الخالد)، وهو أوسع كتاب شامل عن حياة إقبال، فقد وجد إقبال بعد ما يزيد على عقد ونصف عقد من الزمان، أن أطروحة ما وراء الطبيعة بات ينقصها أشياء كثيرة، وإنه لا داعي إلى إعادة طباعتها ثانية. وحين سمح إقبال بنشر الترجمة الأردية لهذه الأطروحة، والتي قام بها صاحبه مير حسن الدين، علق قائلا: (قد ألفت الكتاب قبل ثماني عشرة سنة، ومنذ ذلك الوقت قد اطلعت على أشياء كثيرة، وقد حدثت ثورة كبيرة في آرائي وأفكاري، وصدر العديد من الكتب باللغة الألمانية عن الغزالي والطوسي وغيرهما، ولكنها لم تكن توجد حين أعددت هذا البحث، وأرى أنه لم يبق من الكتاب غير قسم يسير قد لا يكون هدفا للنقد). من جهة ثانية، فقد أعددت ورقة علمية محكمة حول إقبال وفلسفته المعروفة بفلسفة الذاتية، حملت عنوان: (الفلسفة الذاتية في الفكر الإسلامي المعاصر)، قدمتها في المؤتمر العلمي الدولي حول (الفلسفة في الفكر الإسلامي.. قراءة منهجية ومعرفية)، نظمه في العاصمة الأردنية عمان المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية والجامعة الأردنية، عقد في الفترة ما بين 29 شوال 1 ذو القعدة 1429ه الموافق 29-30 أكتوبر 2008م، جلسات اليوم الأول للمؤتمر أقيمت في حرم الجامعة الأردنية، وجلسات اليوم الثاني أقيمت في المركز الثقافي الملكي. جاءت الورقة في ثلاثين صفحة من القياس الكبير، وتكونت من سبعة محاور أساسية هي: إقبال والمنزلة الفلسفية، الفلسفة الذاتية الفكرة والأبعاد، الفلسفة الذاتية الحكمة والغايات، الفلسفة الذاتية المنابع والأحياز، الفلسفة الذاتية والنقد الغربي، إقبال وعبدالرحمن بدوي الذاتية ونفي الذاتية، الفلسفة الذاتية الثمرات والمصير. واعتبرت في هذه الورقة أن إقبالا يمثل أهم ثمرة لفلسفته، فالفلسفة الذاتية هي التي أنجبت إقبالا، إذ بعثت فيه روحا وعزيمة وإرادة حرضته لأن يجعل من وجوده ذاتا وإثباتا للذات، ولولا هذه الفلسفة لما كان إقبال بهذه الشخصية التي ظهر عليها، فهو التجلي الحقيقي لفلسفته، ولا يمكن فصله عن فلسفته، وهذه لعلها أبرز سمة لفلسفته. ولاحقا نشرت هذه الورقة مع كامل أوراق المؤتمر في كتاب مجلد حمل عنوان المؤتمر: (الفلسفة في الفكر الإسلامي.. قراءة منهجية ومعرفية)، صدر في عمان عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، سنة 1433ه/ 2012م، وحملت الورقة في الكتاب عنوان: (الفلسفة الذاتية في الفكر الإسلامي المعاصر عند محمد إقبال).