تربط المملكة وتركيا علاقات متنامية منذ القدم، ويهم البلدين الصديقين تطويرها في شتى المجالات لاسيما السياسية والاقتصادية منها، وتجيء زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لتركيا بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - في اطار دعم تلك العلاقات بين البلدين والبحث عن أوجه تنميتها. وللزيارة التي يقوم بها سموه لتركيا أهمية خاصة في ظل الأزمات التي تمر بها المنطقة كالأزمات السورية والعراقية واليمنية، فتجاذب وجهات النظر حيالها والبحث في الوسائل الممكنة لتسويتها وحلحلتها مهمتان تحرص القيادتان السعودية والتركية على الخوض في تفاصيلهما وجزئياتهما لرغبة القيادتين في البلدين الصديقين في الوصول الى انهاء النزاع في تلك البؤر الساخنة بطريقة تحفظ لدول المنطقة أمنها وسلامتها واستقرارها. وثمة قضايا ساخنة ستطرح في زيارة سموه لتركيا من ضمنها معالجة مسألة الارهاب التي تفشت في كثير من أمصار وأقطار العالم في الشرق والغر ب، وقد عانت المملكة وتركيا الأمرين من تلك الظاهرة الشريرة، فالتنسيق والتشاور بين البلدين فيما له علاقة بالقضاء على تلك الظاهرة من جذورها يمثلان منهجا سليما يضاف الى كل الجهود الدولية الرامية لاحتواء تلك الظاهرة والتخلص منها. وللبلدين الصديقين رؤى متجانسة ومتطابقة حيال معظم القضايا العربية والإسلامية والدولية العالقة سوف تناقش باسهاب أثناء زيارة سموه لتركيا، فالكثير من دول العالم يمر بأزمات سياسية واقتصادية طاحنة تتطلب البحث فيها ومعالجتها انطلاقا من التوجه الحثيث لدعم الأمن والسلم الدوليين والبحث عن أفضل السبل وأكملها وأقصرها لنزع فتائل تلك الأزمات والعمل على حلحلتها ليعم السلام والوئام في تلك الربوع المتأججة والساخنة. لقد دأبت تركيا على دعم مشروع السلام العربي المتعلق بالقضية الفلسطينية والداعي لقيام الدولتين والانسحاب الاسرائيلي غير المشروط من كافة الأراضي المحتلة والعمل على عودة اللاجئين الى ديارهم، والرؤى السعودية والتركية تصب في قنوات هذا المشروع الذي من شأنه تسوية تلك القضية بطريقة عادلة تنهي سنوات مريرة من الحروب والنزاعات والأزمات في المنطقة. من جانب آخر فان الزيارة سوف تبحث في كيفية دعم العلاقات السعودية/ التركية في المراحل المستقبلية لاسيما بعد إعلان المملكة لرؤيتها الطموح 2030 وهي رؤية سوف تضع المملكة في مستقبل قريب منظور في مكانها اللائق بين الشعوب والأمم المتقدمة، ويهم المملكة أن تبحث في دعم الجوانب الاقتصادية بينها وبين تركيا وهي تخطو خطواتها الأولى نحو بلورة تلك الرؤية وترجمة تفاصيلها على أرض الواقع. وبما أن المملكة وتركيا شريكان فاعلان في مجموعة العشرين التي أنهت قمتها الأخيرة قبل فترة في مدينة انطاكية التركية، فان المملكة حريصة على انفاذ ما جاء في تلك القمة من قرارات سوف تنعكس آثارها الايجابية على تلك المجموعة ومن بينها المملكة وتركيا، وجدير بتلك القرارات أن تبحث بين البلدين على أرفع المستويات لما فيه تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين، وبينهما وبقية دول المجموعة. ولا شك في أن الزيارة التي يقوم بها سموه لتركيا سوف تدعم العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين من جانب، كما أنها سوف تساهم في طرح سلسلة من الرؤى حيال معالجة سلسلة من الأزمات العربية والإسلامية والدولية العالقة. كما أن تبادل وجهات النظر حيال تلك الأزمات له أهميته القصوى في المشاركة السعودية / التركية في معالجة تلك القضايا، والبحث عن وسائل تسويتها دعما لاستقرار المنطقة المنشود، ودعما لكل الجهود المبذولة لتحقيق السلم والأمن الدوليين.