أكد اقتصاديون ومحللون ماليون أن إعادة هيكلة الأقساط الشهرية للقروض البنكية بعد القرارات الأخيرة التي جرى خلالها إلغاء بعض البدلات لن تتسبب في خسائر للبنوك وإنما سيكون لها تأثير على هوامش أرباحها فقط، مطالبين بضرورة العمل على معالجة اوضاع الأقساط من منطلق المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتقها. وأشاروا إلى أن دور مؤسسة النقد العربي السعودي حيوي وهام في توجيه البنوك لاحتواء أثر تلك القرارات على المقترضين وإعادة هيكلة الأقساط بما يتناسب مع الدخل الجديد للمقترض حتى لا تختل الدائرة الاقتصادية وتدخل البنوك في ديون متعثرة قد تضر بمراكزها المالية. وقال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين إن «القرارات الأخيرة التي جرى خلالها إلغاء البدلات لن تتسبب في خسائر للبنوك وإنما سيكون لها تأثير على هوامش أرباحها فقط، ويجب على البنوك العمل على معالجة اوضاع الأقساط من منطلق المسؤولية الاجتماعية». وأضاف: «القرارات تؤثر بشكل مباشر على حجم دخل الموظف وبالتالي ينعكس ذلك على نسبة القسط المستقطع من الدخل الكلي أي أن قسط القرض سيرتفع بنسبة أعلى من النسبة النظامية المحددة ب33%، ومن هنا لابد أن يكون هناك تناغم بين الأنظمة والقرارات الجديدة وما أرجوه أن تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بتوجيه البنوك للأخذ بالاعتبار متغيرات الدخل لإعادة هيكلة الاقساط الشهرية للمقترضين دون تحميلهم مصاريف إضافية، وإن لم يحدث ذلك فسيكون هناك ضغط مالي كبير على المقترضين وسيزيد من حجم التزاماتهم المالية مما سيؤثر سلبا على معيشتهم». وطالب البوعينين ب»ضرورة إعادة هيكلة الأقساط وذلك لوجود أسباب خارجة عن إرادة المقترضين ومن باب أولى تتفهم المصارف هذا الوضع الجديد، وقد بلغ حجم القروض الشخصية 354 مليار ريال تقريبا وفق آخر الإحصاءات المعلنة». من جهته أكد الكاتب والمحلل الاقتصادي والمالي محمد العنقري أن «بإمكان البنوك إعادة هيكلة أقساط القروض لعملائها بشكل دقيق وسريع، وذلك بعد التنظيم الجديد للوائح المالية لعمل موظفي الدولة، وإيقاف البدلات». وقال العنقري: «لابد أن تتفاهم البنوك مع عملائها بعمل اجراءات توثيقية لاتخاذ اللازم، حيث من الصعب أن تكون الجدولة آليا، فلابد أن يطلب البنك من جميع عملائه الذين تغيرت رواتبهم مراجعته لاتخاذ الاجراءات، حيث إن هناك عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين، وهناك موظفون في القطاع الحكومي ليس لديهم بدلات من الاساس، كما أن هناك موظفين في القطاع الخاص، فمن الصعب جدا التعامل مع الجدولة آليا، لأن الاجراءات قد تتطلب تعريفا بالراتب وتحويل الراتب إلى التاريخ الميلادي، مجرد مراجعة العملاء للبنوك وتقديم كافة المطلوب، فالتعامل سيكون معها خلال فترة وجيزة، نظرا للبرامج الحديثة التي تتعامل بها البنوك». وأضاف العنقري إن «الاجمالي التقديري للقروض الاستهلاكية يقارب 354 مليار ريال، أما حجم ما قد يطوله التعديل غير معروف الآن، فإعادة الهيكلة ستؤدي إلى تقليل هوامش الربح للبنوك دون وجود مخاطرة وزيادة متعثرين، لأن مدة القرض ستطول، وإيرادات البنوك ستتغير، وستعتمد الخسائر على حسب الاشخاص ولا يمكن الحديث عن النسبة في الوقت الحالي». وقال الكاتب الاقتصادي غسان بادكوك: «لم يصدر أي قرار رسمي بخصوص توجيه مؤسسة النقد السعودي للبنوك بمراعاة المتغيرات الأخيرة للموظفين المقترضين من البنوك الذين ألغيت لهم البدلات، وينبغي أن تحرص مؤسسة النقد على إصدار توجيه للبنوك بإعادة هيكلة أقساط القروض بمختلف أنواعها من تمويل عقاري وشراء سيارات أو قروض شخصية، بحيث تراعي الانخفاض الذي طرأ على رواتب المقترضين بعد توقف بعض البدلات بعد قرارات مجلس الوزراء الأخيرة، وبدون ذلك سوف يضاعف العبء على المقترضين وقد لا يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتها وهذا بدوره سوف يدخل البنوك في دوامة أخرى من القروض المتعثرة التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على مراكزها المالية». وأضاف بادكوك: «الأمر طارئ وجديد وليس هناك مواد نظامية تكفل للمقترض تقديم شكوى ضد البنك، ولذلك المتوقع والمأمول من الجهات الرسمية أن تبادر إلى توجيه البنوك بمراجعة هذا الجانب في أقرب وقت ممكن، وذلك حرصا على مصلحة البنوك والمقترضين». من جانبها قالت الكاتبة الاقتصادية ريم محمد اسعد: «إعادة هيكلة الكثير من أقساط القروض يعتمد على نوعية القروض وهل تلك القروض من الراتب الأساسي أم من الراتب الإجمالي، وفي حال كان القرض من الراتب الإجمالي ستكون مشكلة على المقترض لارتفاع الأقساط مقارنة براتبه، ويجب أن تتعاون البنوك وان تقوم مؤسسة النقد بمحاولات جادة للاتفاق مع البنوك بفرض حد أعلى للأقساط كنوع من التخفيف على المقترض، خصوصا على ذوي الدخل المحدود، ويجب على المؤسسة، أن تتخذ إجراءات بحيث لا يتغير سعر الفائدة وتستمر الفائدة تناقصية، وألا تحاول البنوك أن تحافظ بشكل مستميت على هامش الربح على مصلحة المواطن، وفي النهاية هناك إضعاف وإنهاك للقوة الشرائية للمواطن وإخلال للدورة الاقتصادية التي ليست من صالح أي طرف في المنظومة الاقتصادية». دعا نائب رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة كل البنوك والمؤسسات المالية إلى إعادة هيكلة القروض في حالة تعارضها مع نظام مؤسسة النقد العربي «ساما» في الاستقطاع الشهري بما لا يتجاوز 33 % من راتب الموظف فقال: «بعد أن أقر مجلس الوزراء في جلسته وقف البدلات التي كانت تصرف مع الراتب، بالإضافة إلى علاوة العام القادم مما يعني إعطاء الحق للموظف برفع شكوى على البنك في حال ثبوت انخفاض راتبه». وأضاف ابن جمعة: «إن جميع البنوك في العالم تقدم عملية الهيكلة بشكل دوري وسنوي، وفي حالة ارتفاع القسط الشهري بأعلى من ثلث الراتب فيحق لأي عميل ثبت انخفاض راتبه أن يطالب البنك من خلال شكوى رسمية بحسب أنظمة مؤسسة النقد». وتابع: «على البنك أن يعيد هيكلة الاستقطاع دون فوائد، خاصة إذا كان القسط مبنيا على كامل الراتب المودع في البنك دون النظر للراتب الأساسي، موضحا إلى أن هناك أشخاصا في وقت سابق أعادت البنوك هيكلة قروضهم». وأشار إلى أن تفاصيل القرار حتى الآن لم تفسر لكي تحلل كل الأمور، فكما سمعنا أن العلاوة لمدة عام واحد، والبدلات سيتم إيضاحها خلال الفترة المقبلة. من جانبه قال الدكتور عبدالله المغلوث عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض: «إن لذهاب البدلات والمميزات أثارا سلبية على دخل المواطنين مما يؤدي إلى زيادة أعبائهم مع التزاماتهم الموجودة لدى البنوك، إذ على البنوك أن تساعد المقترضين بجدولة تلك القروض بما يتناسب مع دخلهم الشهري حتى يتم سدادها حسب الجدولة». ولفت: إلى «أنه يجب على البنوك جدولة الدين وهذا ما سيحدث مستقبلا على البنوك والتي ستضع تسهيلات وإجراءات لتسهيل عملية السداد». 108 مليارات ريال قروض مصرفية للأفراد حتى الربع الثاني من العام الجاري سجلت القروض العقارية والاستهلاكية ارتفاعا ملحوظا خلال الربع الثاني من العام الجاري 2016م، إذ ارتفع إجمالي القروض الاستهلاكية بنسبة 7.9% مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي، وفقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما». وحسب النشرة الربعية لمؤسسة النقد العربي السعودي للربع الثاني 2016م، بلغت نسبة القروض الممنوحة للأفراد حوالي 108.2 مليار ريال بارتفاع قدره 2% مقارنة بالربع الذي سبقه حيث بلغت آنذاك 106.3 مليار ريال. كما بلغت القروض الممنوحة للشركات في الربع الثاني 83.6 مليار ريال منخفضة بحوالي 4% مقارنة بالربع الأول 2016م. وتراجعت القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية في السعودية بنهاية الربع الثاني 2016م إلى حوالي 191.8 مليار ريال بنسبة انخفاض قدرها 1% مقارنة بالربع الأول من العام الجاري، فيما ارتفعت قروض تمويل السيارات ووسائل النقل الشخصية بنسبة 9.4% بقيمة بلغت 32.5 مليار ريال. وارتفعت قروض البطاقات الائتمانية بنهاية الربع الثاني 2016م بشكل طفيف لتصل إلى 10.34 مليار ريال، مقارنة بالربع الأول، حيث بلغت آنذاك 10.33 مليار ريال. وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» قد كشفت لأول مرة عن بيانات القروض العقارية الممنوحة من البنوك والمصارف العاملة بالسعودية للأفراد والشركات، خلال نشرتها الربعية للربع الرابع 2013م. ووفقا للبيانات، فإن هذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها القروض العقارية الممنوحة من المصارف التجارية للأفراد والشركات تراجعا على أساس ربعي منذ 2013م. ووفقا لتقرير «ساما» شهدت القروض الاستهلاكية ارتفاعا بنسبة 1% بنهاية الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الذي سبقه، لتصل إلى 343.07 مليار ريال. وتضم القروض الاستهلاكية بالإضافة لقروض ترميم وتحسين وتأثيث العقارات، قروض السيارات والمعدات، والقروض الاستهلاكية للتعليم والصحة والسياحة والسفر والأثاث والسلع المعمرة وقروضاً أخرى. وكانت «ساما» تنشر بنداً بمسمى «التمويل العقاري» ضمن القروض الاستهلاكية، لتغير مسمى هذا البند إلى «ترميم وتحسين وتأثيث العقارات» دون أي تغييرات تذكر على القيمة. يشار إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي قد بدأت اعتبارا من الربع الرابع 2014م في نشر تفاصيل القروض الاستهلاكية للتعليم والصحة والسياحة والسفر والأثاث والسلع المعمرة ولم تنشر أي تعديل على الأرقام السابقة لبند السيارات والمعدات باستثناء تعديل المسمى إلى سيارات ووسائل نقل.