بلغت القروض الشخصية في محفظة البنوك السعودية بنهاية الربع الثاني من هذا العام 343 مليار ريال، ما يعني أنه تضاعف حجمها مقارنة بما كانت عليه عند انهيار سوق الأسهم في عام 2006 حيث كانت تبلغ حوالي 180 مليار ريال. وهو مؤشر خطير على نمو مبالغ فيه في مديونية الأفراد خاصة وأن هذه الأرقام لا تشمل مديونيتهم للمقرضين خارج النظام البنكي وشركات التقسيط. والحقيقة أن النمو الكبير في حجم القروض الاستهلاكية يرجع بشكل أساس لسماح مؤسسة النقد للبنوك برهن راتب الموظف كضمانة للقروض الشخصية الذي أنهى كافة المخاطر المرتبطة بمثل هذه القروض تقريبا ما دفع البنوك للتوسع بها بشكل هائل بحيث أصبحت هذه القروض تشكل جزءا كبيرا من إجمالي الائتمان المصرفي في المملكة. وفي الدول المتقدمة لا يسمح للبنوك برهن رواتب الأفراد كضمانة لقروضها وعلى البنوك أن تحصل منهم على ضمانات أخرى عدا دخل الموظف الذي يمثل مصدر رزقه الأخير الذي يجب ألا يعرض للخطر لأي سبب كان. فنجد مثلاً أن البنوك في الدول المتقدمة ترهن الأصل العقاري كضمانة للقرض العقاري أو ترهن السيارة كضمانة لقرض شراء سيارة ونحو ذلك لكنها لا تستطيع بأي حال أن ترهن راتب الموظف. ومؤسسة النقد بسماحها لجهات التوظيف في المملكة بإصدار خطابات تلتزم بموجبها بتحويل راتب الموظف لبنك معين يتيح لهذا البنك رهن راتب هذا الموظف كضمانة للقرض الشخصي شجع البنوك على هذا النوع من الإقراض وتسبب في تحميل الأفراد لأعباء مالية بسبب توسعهم في الحصول على قروض استهلاكية دون قيود بعد أن تلاشت المخاطر على البنوك وأصبحت غير معنية مطلقا بقدرة هذا المقترض على تحمل أعباء القرض، فالبنك سيقتطع قسط القرض من راتب الموظف قبل وصوله إليه وعليه أن يتدبر أمر معيشته بما تبقى من دخله دون أن يشاركه البنك بأي مخاطر في ظل هذا التنظيم غير المنطقي ولا المقبول. لذا وبعد أن كانت البنوك السعودية شديدة التحفظ في منح القروض الشخصية نجدها بعد وضع هذا التنظيم تتوسع بشكل كبير في القروض الشخصية بحيث وصلت الآن إلى قيم خطيرة وأصبحت عبئا ماليا هائلا على معيشة الأفراد في المملكة، بسبب أن معظم الأفراد هم الآن متحملون لقروض شخصية استخدمت في الغالب في تلبية احتياجات استهلاكية كالسفر للخارج أو نحو ذلك، وهم الآن يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم اليومية الضرورية بما تبقى من دخلهم، بل ويجدون صعوبة كبيرة في تسديد هذا القرض والانتهاء من أعبائه بسبب إغرائهم من قبل البنوك للدخول في عمليات إعادة تمويل تتسبب في مد مدد الاقتراض لفترات إضافية تجعلهم مدينين للبنوك لفترات طويلة جدا. من ثم فإن هناك حاجة وضرورة لقيام مؤسسة النقد بواجبها المتمثل بحماية المتعاملين مع النظام البنكي وذلك بقيام مؤسسة النقد بمنع جهات التوظيف من ضمان تحويل رواتب الموظفين إلى البنوك ما يقطع الطريق على البنوك من استخدام تحويل راتب الموظف كضمانة للقرض الشخصي، في ظل هذا الاستغلال السيئ من قبل النظام البنكي لهذا النظام والذي يبدو واضحاً وجلياً بكون ما يزيد على 70% من القروض الشخصية، وكما تشير بيانات مؤسسة النقد، هي عبارة عن قروض استهلاكية وليست قروضا استثمارية، بينما في الولاياتالمتحدة على سبيل المثال فإن 80% من القروض الشخصية هي قروض رهن عقاري وليست قروضا استهلاكية. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam