وسط كل هذا الطنين حول استضافة الصين لقمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو -جميع الاتفاقات والحجج- كان هناك حدث هام رمزي آخر غاب عن الأنظار إلى حد كبير. في الأسبوع الماضي، أصدر البنك الدولي سندات مقومة بحسب حقوق السحب الخاصة في سوق ما بين البنوك الصينية. اعتبارا من أكتوبر، سيتم إدراج اليوان في سلة العملات المستخدمة لتحديد قيمة حقوق السحب الخاصة. بالنسبة للصين، هذا يرمز لمكانتها كقوة صاعدة. أود أن أجادل أن هذا القرار في الواقع يعتبر رمزا للسبب الذي يجعل الصين تكافح لتصبح مركزا ماليا عالميا. كانت بكين تعتبر أن حقوق السحب الخاصة هي نوع من الحل الوسط. وهي تود من النظام النقدي العالمي أن يكون أقل اعتمادا على الدولار الأمريكي وأكثر تفضيلا اتجاه عملتها الخاصة. ومع ذلك، تواصل فرض ضوابط على رأس المال، التي تحد من استخدام اليوان في الخارج، إلى جانب أنها لا تريد أن تدع قيمة اليوان معومة بحُرية، حيث إن تعويم العملة هو شرط مسبق لتصبح عملة احتياطية حقيقية. رأت الصين حقوق السحب الخاصة باعتبارها وسيلة لاقتسام الفرق، لخلق منافس للدولار والحفاظ على سعر صرف ثابت في نفس الوقت. المشكلة هي أنه ليس هناك تقريبا أي سبب يمكن تصوره لاستخدامها. كانت حقوق السحب الخاصة قد استحدثت كأصل احتياطي اصطناعي من قبل صندوق النقد الدولي منذ عقود، في ظل نظام بريتون وودز. ولم يستخدمها أي بلد للأعمال التجارية العادية، ومن غير المرجح لأية حكومة إصدار سندات مقومة بحقوق السحب المذكورة إلا في حالة كان ذلك لأسباب سياسية، كما يفعل البنك الدولي. الشركات لن تستخدمها أيضا. إذا كانت الشركة تريد الاقتراض لبناء مصنع في اليابان، فإنها ستصدر سندات بالين وذلك حتى تتمكن من سدادها في الين. إذا كان عملاؤها عالميين، من المؤكد أن أي بنك استثماري طموح سيكون على استعداد لبناء مؤشر محفظة عملات مخصصة قادرة على تلبية احتياجات تلك الشركة. بدلا من استخدام ترجيح حقوق السحب الخاصة للعملات، يمكن للشركة بيع السندات في مؤشر مركب من أي شيء: تقسيم بنسبة 25 في المئة بين الدولارات واليورو والين والريالات. لا يسدد أي زبون التكاليف باستخدام حقوق السحب الخاصة. لماذا تربط نفسك لسداد السندات فيها؟ السبب في أن الصين تسعى لحقوق السحب الخاصة هو أنها تأمل في الحصول على مكانة العملة العالمية دون أن تواجه الضغوط المالية في السماح بتعويم اليوان بحرية أو لتخفيف ضوابط رأس المال. بعبارة أخرى، هي تريد فوائد القيادة العالمية، ولكن تفضل تجنب سلبيات ذلك. وهذا بالضبط هو موقف يعوق صعود الصين كمركز مالي عالمي. لديها كل المقومات الصحيحة للتنافس مع لندن ونيويورك: اقتصاد ضخم، وتركيز الأعمال الدولية، ومصرفيين من الدرجة الأولى قادرين على إنشاء منتجات مبتكرة. الطلب العالمي على رأس المال الصيني والخدمات المالية آخذ في الارتفاع. لكن السندات الدولية وإصدار الأسهم في الصين يكاد يكون معدوما. فمن بين ما يقرب من 2000 سند تصدر في الصين حتى الآن هذا العام، كان واحد منها فقط دوليا. الشركات لا ترغب في بيع سندات أو أسهم في بلد تتعرض فيها تدفقات رؤوس الأموال لرقابة مشددة وعملتها لا تدل على حالة السوق. كما هي الحال مع حقوق السحب الخاصة، لا يمكن أن يكون للحكومة أن تقبل شيئا وترفض شيئا آخر في المقابل. إذا أرادت بكين أن تصبح مركزا للتمويل العالمي، فإنها تحتاج لسوق تتدفق فيها رؤوس الأموال بحرية، وتتقلب الأسعار، وحيث هناك شافية في الطلب والقواعد. وبدلا من تحقيق انتصارات رمزية مثل السندات المقومة بحقوق السحب الخاصة، يجدر بالصين أن تسمح لمصرفييها ورأس المال بالتحرك إلى الأمام.