يعيش لبنان شللا حكوميا منذ بدء الشغور الرئاسي، وتمكنت حكومة الرئيس تمام سلام حتى الآن من الحفاظ على ديمومة عمل المؤسسات الدستورية تسييرا لأمور الشعب اللبناني الذي يعيش تحت وطأة انعكاسات الحرب السورية. ويريد «التيار الوطني الحر» أن يهزّ عرش استقرار الحكومة من خلال السعي لإسقاطها بتعطيل نصاب انعقاد جلساتها إلا أنه لم يفلح في ذلك على الرغم من التضامن المفاجئ وفي اللحظة الأخيرة ل«حزب الله» الذي لطالما أكد أهمية بقاء الحكومة لانشغاله في عملياته الإرهابية المنتشرة في بقاع الأرض، ما الذي تغيّر في أجندة «حزب الله» أم أن تضامنه مع العماد ميشال عون هو مجاملة مؤقتة كيلا يبقى وحيدا في موقفه التعطيلي، أم أن حسابات «حزب الله» تبددت وحان موعد إعلان نهاية حكومة سلام، فيما استبعد محللون سياسيون ذلك، لأسباب سيظهرها هذا التقرير. أي حكومة في لبنان منتهية بسبب وجود «حزب الله» شدد عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش في تصريح ل«اليوم» على ان «أي حكومة في لبنان هي في حكم المضي عليها مسبقا في ظل وجود «حزب الله»، لأن القرارات تبقى غير سيادية أو على الأقل لا تتحلى بالسيادة الكاملة لأن هذا الحزب يضرب السيادة بكل معاييرها وحكومة تمام سلام يضاف إليها وجود الفراغ في سدة الرئاسة وعدم إمكانية إنتاج حكومة جديدة، لذلك فالقضية لا تتعلق ب»التيار الوطني الحر» الذي يمثل فقط وضعا هامشيا بالنسبة إلى «حزب الله» لأن كل الخيارات موجودة بيد الحزب الذي يحمل السلاح». ورأى علوش ان «الجميع الآن في مرحلة الانتظارات ويعلمون أن إمكانية الحصول على مكاسب جديدة بغياب القرار ومجلس النواب وغياب الرئيس وأيضا ضمور الخيارات الموجودة على المستوى اللبناني هو ضرب من الخيال»، معتبرا ان «الحكومة بحكم المنتهية منذ غياب رئيس الجمهورية واضطرارها للذهاب إلى نوع من الاجماع الكامل حول كل خياراتها، لذلك بأقصى الظروف تتحوّل هذه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وهي عمليا لن تغيّر شيئا في الوضع الذي هو مرتبط بكل وضوح بما يجري في سوريا والمنطقة». ليس من مصلحة الحزب إنهاء الحكومة واعتبر عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» المحلل السياسي راشد فايد في تصريح للصحيفة انه «ليس من المؤكد أن «حزب الله» يوافق على أهداف «التيار الوطني الحر» بشأن مواقفه الراهنة داخل الحكومة وهو إن تضامن معه في جلسة الحكومة الأخيرة فهي من باب المجاملة السياسية لأن «الوطني الحر» سيشعر بنفسه معزولا من دون هذا التضامن». وقال: «أما أوان انتهاء هذه الحكومة فهو مرتبط بالوقائع على الارض التي تقتضي بقاءها لأن استقالتها أو إشعار شللها سيؤدي الى تعطيل البلد بالكامل، حاليا هناك تعطيل ولكن وجود الحكومة يسمح ببعض الإنفراجات الداخلية أما شللها عبر تقديم استقالات أو أي عمل مشابه فهو يؤدي إلى إنهاء المؤسسات الدستورية في البلاد، خصوصا أننا أمام نهاية فترة التمديد لمجلس النواب التي رغم التشكيك في دستوريتها لابد من قبولها». وجزم فايد بأن «ليس من مصلحة «حزب الله» إنهاء الحكومة كونه لا يمكنه الانشغال بالوضع اللبناني الداخلي فيما يوزع ميليشياته على سوريا والعراق واليمن وبالتالي فإن هذا الامر سيزيد من مأزقه السياسي». عون قام بعاصفة في فنجان من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي ان «هذا التضامن النظري والصوري من قبل «حزب الله» مع العماد ميشال عون (في جلسة الحكومة الأخيرة) يكشف أن «حزب الله» ليس سوى وسيلة لإرضاء ميشال عون بصورة وهمية أو شكلية، وهذا ما يؤكده موقف «حزب الله» عبر كتلته النيابية التي أكدت على أمرين، الاول بقاء الحكومة، وثانيا بقاء طاولة الحوار، وهذا ما فعله فريق العماد عون لضرب الاثنين معا، بينما ساير «حزب الله» أو حاول إيهام العماد عون بأنه يقف إلى جانبه ويدعمه، وفي الواقع هو يريد استمرار طاولة الحوار لتغطية مشروعه وتفرده بالمشروع العسكري والحربي الذي يقوم به في سوريا وغيرها، وثانيا انه مصّر على بقاء الحكومة كقشرة شرعية، فلا يريد رئيسا للجمهورية لأن الشرعية تكتمل عندئذ، لهذا هو يفضل بقاء هذه الحكومة الضعيفة وغير الفعالة لكي تكون مجرد غطاء أو قشرة شرعية تغطي كل ما يقوم به خدمة للمشروع الإيراني». وقال الزغبي: «إن العماد عون في الظاهر سجل نقاطا سياسية كما يقول أنصاره بأن مجلس الوزراء غاب عنه «حزب الله» ووزير رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ولقد أعلن الأخير ان وزيره سيعود الى جلسات الحكومة و»حزب الله» ليس في وارد القطيعة الدائمة والكاملة مع هذه الحكومة إذ سيبقى العماد عون وحيدا، والدليل الأكبر على أن الفرقاء المسيحيين الآخرين وهم يتمتعون بحيثية كبرى وتحديدا الكنيسة «بكركي» صمتها معبّر جدا حيال موضوع الميثاقية، أي أنها غير راضية عن الاداء الذي يقوم به العماد عون، وكذلك صمت «القوات» اللبنانية يؤكد أنها غير متحمسة تجاه ما يقوم به العماد عون خصوصا إذا لجأ إلى ما يسميه «الاقتراع بالأقدام» أي التظاهرات الشعبوية وهنالك حزب «الكتائب» ضد تصرفات العماد عون، والفرقاء المسيحيون حضروا جلسة مجلس الوزراء وكان حضورهم لافتا». وختم الزغبي حديثه بالقول: «إذا، المسألة تنتهي بعاصفة في فنجان قام بها ميشال عون، ولا أتوقع أن تتصاعد الامور أكثر وما يرضي العماد عون مسألة بسيطة، حتى انه أوعز بالاقتراح المعروف والذي سقط ولم يتم الأخذ به وهو العودة عن التمديد للواء محمد خير مقابل التمديد للعماد جان قهوجي، وهذا سعر زهيد وبسيط إذا كان من هذا المستوى يسعى ميشال عون وفريقه الى الحصول عليه».