ان عبارة ومصطلح مكافأة نهاية الخدمة ومفهومها، من العبارات المتداولة بكثرة في مجال العمل والاعمال (الأهلي او الخاص)، ولأهميتها سوف نتناولها بالشرح والتحليل في اكثر من مقال بتعريف مفهومها والغرض منها، وطبيعتها القانونية،، وحالات استحقاقها والحالة التي تخفض من قيمتها، والحالات التي تمنع وتحرم العامل من استحقاقها مطلقا، وكيفية حسابها والاجر الذى يتخذ اساسا لحسابها. فتُعرف مكافأة نهاية الخدمة بأنها: التزام على صاحب العمل يلتزم بموجبه، بأن يدفع للعامل مبلغًا معينًا من المال، يتناسب مع مدة خدمته وذلك عند انتهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة او غير محدد المدة، وسواء أكان الانهاء من قبل صاحب العمل ام من قبل العامل. اما الغرض منها فهو تأمين مبلغ من المال للعامل عند انتهاء عقده، ليسد به حاجته ومتطلباته المعيشية والحياتية الضرورية، حتى يعثر على عمل جديد وهذا هو الغرض الرئيس منها. بالإضافة الى انها تعد تشجيعا للعامل على الالتحاق بالعمل بالقطاع الخاص والاستمرار فيه اطول مدة ممكنة، لان العامل يدرك حسب ما جاء في النظام حول المكافأة انها تزيد بزيادة مدة خدمته. اما الطبيعة القانونية لمكافأة نهاية الخدمة، فقد تعددت الآراء حول تفسيرها، فالرأي الاول ذهب الى اعتبار مكافأة نهاية الخدمة أنها تعد بمثابة جزء من اجر العامل مؤجل الدفع، حيث يقطع ويجمد له حتى يتقاضاه بعد انتهاء خدمته، وذلك بدلا من ان يحصل العامل على اجر مرتفع. وقد نقد هذا الرأي لعدة اسباب وهى: اذا كانت مكافأة نهاية الخدمة جزءا من الاجر مؤجل الدفع، لاستحقها العامل في جميع الاحوال التي ينتهى فيها عقد العمل باعتباره حقا مكتسبا له لا يجوز حرمانه منها، وهذا لا يجوز نظاما، لان المادة (80) من نظام العمل السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/ 08 /1426ه المعدل بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/ 46) وتاريخ 05/ 06 /1436ه قد اعطت الحق لصاحب العمل في حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة اذا ارتكب أي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في تلك المادة وهى تسع حالات. بالإضافة الى انه اذا اعتبر أن مكافأة نهاية الخدمة جزء من الاجر، لاستوجب ذلك ان يكون حسابها على اجر العامل الفعلي دوريا طوال مدة خدمته، ولكن نظام العمل اخذ في احتساب المكافأة على اساس الأجر الاخير للعامل فقط حسب نص المادة (84) من نظام العمل، بالإضافة الى ان العامل يستحق المكافأة عن مدد وقف عقد العمل حتى في الحالات التي لا يستحق فيها اجرا عنها، والمثال على ذلك حالة غياب العامل عن العمل لمدة عشرين يوما متقطعة خلال السنة العقدية استنادا الى الفقرة (3) من تعريف الخدمة المستمرة للعامل في الباب الاول (المادة 2) من نظام العمل (مع انه يجب تعديل هذه المدة في هذه المادة لتصبح ثلاثين يوما بدلا من عشرين يوما، حتى تتوافق مع التعديل الاخير الوارد على الفقرة (7) من المادة (80) بزيادة مدة الغياب المتقطع الذى يحرم العامل من التعويض والمكافأة والاشعار الى ثلاثين يوما بدلا من عشرين يوما). بالإضافة الى ان الاجازة المرضية اذا زادت عن شهر فيستحق العامل اجازة بثلاثة ارباع الاجر عن الشهرين الثاني والثالث ويستحق اجازة بدون اجر عن الشهر الرابع لهما استنادا للمادة 116 من نظام العمل وتكون خدمة العامل مستمرة خلال تلك الاجازات رغم تخفيض الاجر او حرمانه منه في الشهر الرابع. اما الرأي الثاني: فقد ذهب الى اعتبار مكافأة نهاية الخدمة تعويضا عن الضرر المادي، والأدبي، الذى يلحق بالعامل عند انتهاء خدمته لدى صاحب العمل، وقد نقد هذا الرأي على اساس ان المكافأة ان كانت تعويضا عن الفصل، لوجب ثبوت ان ضررا اصاب العامل، ويقدر التعويض على حسب مقدار الضرر، ولكن مكافأة نهاية الخدمة المقررة في نظام العمل للعامل لا تشترط وقوع ضرر، وهى مقدرة ومحددة سلفا لكل العمال طالما توافرت شروط استحقاقها. اما الرأي الراجح والذى ذهب اليه اغلب فقهاء القانون– ونحن نؤيده بقوة-، هو اعتبار مكافأة نهاية الخدمة بمثابة حق من نوع خاص منحه وقرره النظام والزم به صاحب العمل لمصلحة العامل، وذلك لاعتبارات المصلحة العامة ومقتضيات العدالة، باعتبار ان العامل طرف ضعيف في العلاقة العمالية، بالإضافة الى أن مكافأة نهاية الخدمة تعد كنوع ووسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي وتأمين نظامي للعامل عند انتهاء علاقته العمالية بصاحب العمل، وينظر في حسابه الى جملة مدة خدمة العامل لدى صاحب العمل. اما حالات استحقاق مكافأة نهاية الخدمة، فإن العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة اذا انتهى العقد بإحدى حالات الانتهاء المنصوص عليها في المادة (74) من نظام العمل ومنها (اتفاق الطرفين على انهائه، او اذا انتهت المدة في العقد محدد المدة، او ببلوغ العامل سن التقاعد، او بسبب القوة القاهرة، او انهاء النشاط الذى يعمل به العامل)، او احد الاسباب العامة للإنهاء او استحالة التنفيذ وهى وفاة العامل، العجز الكلى عن العمل، المرض الطويل، ترك العمل نتيجة قوة قاهرة (استناداً للمادة 87 من نظام العمل، استقالة المرأة العاملة بسبب الزواج او الانجاب) (ان يكون ذلك بحد اقصى خلال ستة اشهر من الزواج او خلال ثلاثة اشهر من الانجاب استناداً للمادة 87 من نظام العمل)، او خلال التصفية او الافلاس او الاغلاق النهائي للمنشأة، ويستحق العامل ايضاً المكافأة اذا انهى عقد عمله سواء كان محدد المدة او غير محدد المدة استنادا الى أي حالة من الحالات المنصوص عليها حصراً في المادة (81) من نظام العمل (اذا لم يقم صاحب العمل بالوفاء بالتزاماته العقدية أو النظامية الجوهرية إزاء العامل، اذا ثبت أن صاحب العمل أو من يمثله قد أدخل عليه الغش وقت التعاقد فيما يتعلق بشروط العمل وظروفه، اذا كلف العامل دون رضاه بعمل يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه، إذا وقع من صاحب العمل أو من احد افراد اسرته أو من المديرالمسؤول اعتداء يتسم بالعنف، او سلوك مخل بالآداب نحو العامل أو احد أفراد اسرته، إذا كان في مقر العمل خطر جسيم يهدد سلامة العامل أو صحته، إذا كان صاحب العمل أو من يمثله قد دفع العامل بمعاملته الجائرة إلى أن يكون العامل هو من أنهى العقد في الظاهر) او فى حالة استقالة العامل بشرط ان لا تقل خدمته عن سنتين. اما الحالات التي تمنع من استحقاق مكافأة نهاية الخدمة فهي الحالات المنصوص عليها حصراً في المادة (80) من نظام العمل، وهى اذا وقع اعتداء على صاحب العمل، او المدير المسؤول، او احد رؤسائه، اثناء العمل او بسببه، اذا لم يؤد العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل او لم يطع الاوامر المشروعة، اذا ثبت اتباعه سلوكاً سيئاً او عملا مخلا بالشرف او الامانة، اذا كان العامل معينا تحت الاختبار، اذا وقع من العامل عمدا أي فعل او تقصير يقصد منه الحاق خسارة جسيمة بصاحب العمل، اذا تغيب العامل دون سبب مشروع عن العمل لمدة ثلاثين يوما متقطعة او خمسة عشر يوماً متتالية خلال السنة العقدية، اذا ثبت ان العامل استغل مركزه الوظيفي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، اذا ثبت ان العامل افشى الاسرار الصناعية او التجارية الخاصة بالعمل الذى يعمل فيه، او إذا استقال العامل بإرادته ولم تبلغ مدة خدمته السنتين كما ورد بالمادة (85) من نظام العمل. وسوف نكمل في مقالنا القادم (بإذن الله تعالى) الحديث عن كيفية– ومعايير- حساب مكافأة نهاية الخدمة، والاجر الذى يكون اساساً في حساب ذلك، والمدد، والاستقالة المؤثرين على قيمتها بالنقصان او الزيادة، او عدم الاستحقاق، استناداّ الى ما جاء من نصوص في نظام العمل.