احتفلت إندونيسيا يوم الأربعاء بعيد استقلالها بطريقة مثيرة، فقد قامت بهذه المناسبة بتفجير عدة قوارب صيد صينية أُمسك بها متلبسة وهي تصيد الأسماك في مياهها بطريقة غير قانونية - وحيث جرت بعد ذلك مصادرتها. ليس للصين أي مطالب في الأراضي الإندونيسية، ولكن الصيادين الصينيين لديهم مطالب ملحة أكثر من ذلك. فقد ظهرت مؤخرا تقارير في وسائل الإعلام التابعة للحكومة الصينية هذا الأسبوع، تفيد بأن الصيد الجائر والتلوث عملا على استنزاف موارد صيد الأسماك، لدرجة أن بعض الأماكن أصبحت خالية عمليا من الأسماك، ومن ضمن هذه الأماكن بحر الصين الشرقي. هذه علامة مخيفة بالنسبة لدولة تشهد نهما متزايدا مثل الصين، فقد شكلت الصين في عام 2015 نسبة 35 بالمائة من استهلاك الطعام البحري في العالم. والبحث عن مصائد بعيدة عنها - مثل المياه الإندونيسية - لا يعتبر حلا حقيقيا، لأن مخزون الأسماك في المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي انخفضت بنسبة 95 بالمائة مقارنة مع مستويات الأسماك التي كانت موجودة في خمسينيات القرن الماضي. وإذا كانت الصين لا ترغب في أن تعاني مصائد الأسماك في باقي الدول الآسيوية نفس المصير الذي حاق بها، فسيكون عليها في هذه الحالة أن تفكر بطموح أكبر حول كيفية ابتداع موارد طعام مستدامة للمنطقة. وكما حصل في الدول النامية الأخرى، رافق ارتفاع مستوى الدخل تحسن في نوعية وكمية الغذاء الذي يتناوله الإنسان. وطعام البحر- الذي كان يعتبر يوما من الكماليات غالية الثمن - أصبح اليوم طعاما شائعا، حتى في البر الصيني، وقد أصبحت الصين الآن من أكبر المستهلكين والمصدرين في العالم. كانت ردود الأفعال الاقتصادية الناتجة عن نموها السريع لافتة وبارزة، فقد ازداد عدد قوارب صيد الأسماك، من ذوات المحركات، بين العامين 1979 و2013 من 55225 إلى 694905 قوارب، بينما تضخم عدد المستخدمين في صناعة الصيد ليصل إلى أكثر من 14 مليون عامل، بعد أن كان 2.25 مليون عامل. وأثناء ذلك ارتفع معدل الدخل الشهري للعاملين في هذه الصناعة من حوالي 15 دولارا في الشهر إلى 2000 دولار في الشهر. واليوم تولد صناعة صيد الأسماك دخلا يزيد على 260 مليار دولار في السنة، وهو ما يشكل حوالي 3 بالمائة من الدخل المحلي الإجمالي للصين. ولكن ومن خلال سعي الصين نحو تحقيق النمو وزيادة الصيد بأي ثمن، فرض الصيادون الصينيون ثمنا باهظا على البيئة. في الوقت الحاضر ينتج نهر يانغستي، الذي يوفر 60 بالمائة من أسماك المياه العذبة، أقل من ربع ما كان ينتجه في عام 1954، وأغلب الأنواع التي تعيش فيه، وعددها 170 نوعا، أصبحت اليوم على وشك الانقراض. والوضع ليس بأفضل من ذلك في الأماكن القريبة من الشواطئ. والحكومة الصينية تعترف بأن صيادي الأسماك الصينيين يتجاوزون بشكل روتيني الحدود المسموح بها للإبقاء على ديمومة السمك في المياه الاقليمية الصينية، بنسبة 30 بالمائة أو أكثر. وأن زيارة واحدة فقط لأي سوق من أسواق طعام البحر في الصين ستبين موجودات كبيرة من الأسماك صغيرة الحجم، والتي كان يجب في المقام الأول عدم صيدها أبدا. يقع اللوم في ظهور هذه الحالات على كل من صناعة صيد الأسماك والحكومة الصينية التي دفعت مبلغ 6.5 مليار دولار دعما لمصائد الأسماك في عام 2013 وحده. ذهب أغلب هذا المال تقريبا لشراء وقود رخيص سمح بتشجيع صيادي السمك الصينيين على المخاطرة بالذهاب بعيدا عن الشواطىء الصينية، وغالبا ما يكون ذلك محصورا نسبيا في مناطق اقتصادية لدول لم يسبق لأحد النهب منها، مثل إندونيسيا. والأدهى من ذلك، هو الاغراءات التي قدمها الجيش الصيني علنا للقيام بهذه الأفعال، وذلك من خلال دعمه كل شيء، ابتداء من تقديم الثلج إلى توفير خدمة نظام تحديد المواقع العالمي (الجي بي إس) على قوارب الصيد الصينية. الهدف كان: تقوية مطالب الصين في «حقوقها التاريخية في الصيد» في المناطق الشاسعة والمتنازع عليها بشدة، في بحر الصين الجنوبي. تخوض الجهات المنظمة الصينية معركة خاسرة ضد هذه الأجنحة الأخرى في الحكومة الصينية. فقد سبق أن أعلنت الصين في عام 1999 حظرا موسميا على الصيد في بحر الصين الجنوبي، وفعلت الجهات المنظمة نفس الشيء في قطاعات معينة من نهر يانغستي في عام 2002. ولكن التدهور المستمر في هذين الموقعين يظهر فقط كيف أصبحت مثل هذه القيود غير فعالة. وردا على ذلك، اقترح عالم صيني وقفا تاما لصيد الأسماك مدته 10 سنوات في مناطق نهر يانغستي الأساسية. وفي هذا الأسبوع أعطى مسؤولون صينيون إشارة بأنهم أصبحوا الآن منفتحين على هذه الفكرة، وحتى أنهم يفكرون في القيام بعملية تقليص بالجملة لأسطول صيد الأسماك الصيني. وعلى الرغم من أن هذين الإجراءين سيكونان نعمة على مصائد الأسماك الآسيوية، إلا أن ذلك سيكون البداية فقط. ولكي يكون ذلك فعالا، على الصين أن تنزع الصفة العسكرية عن أساطيل صيد الأسماك فيها، وتُنهي الدعم المدمر للوقود الممول من الجيش، وهو الذي يشجع على الصيد غير المنظم، علاوة على التسبب في تزايد التوترات الجيوسياسية في المنطقة. يجب على أساطيل صيد الأسماك أن تخضع للإدارة المدنية والسلطات الزراعية، وليس للجنرالات الذين لا يهتمون بالاستدامة البيئية في كثير أو قليل.