الأسبوع الماضي، ثارت عاصفة من الاحتجاج في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد انتشار صور لشركة استقدام محلية، تقوم بالتسويق وسط مجمع تجاري ل «عاملات منزليات» للعمل بنظام الساعة. الأسبوع ما قبل الماضي، زار المملكة نائب وزير الخارجية الهندي، للتباحث في قضية العمال المفصولين والمعاملة السيئة التي تعرضوا لها من قبل الشركة التي استقدمتهم. إن مثل هذه القضايا، لا تعتبر حالة استثنائية في سوق العمل، بل ان موظفي مكتب العمل اعتادوا على سماعها، حتى تبلد شعور بعضهم تجاه الموظفين المفصولين، وفي كثير من الأحيان، تكون الطاقة الاستيعابية لمكتب العمل، أقل بكثير من عدد الشكاوى اليومية التي تقدم له. من خبِرَ مكتب العمل، يعلم علم اليقين، أن القضايا العمالية تأخذ بالحد الأدنى سنة كاملة قبل صدور الحكم النهائي، وخلال فترة القضية، لا يحق للموظف السعودي أو الأجنبي العمل في شركة جديدة، في حين يحق للشركة توظيف من تشاء كبديل عنه. من الواضح جداً، ان المرحلة المقبلة ستكون صعبة، إن من ناحية حماية الموظفين أو توفير فرص وظيفية جديدة، وهنا ستكتشف وزارة العمل هشاشة القوانين والأنظمة والحوافز التي قدمتها للتجار خلال مرحلة الرفاه، والتي تجاوز فيها سعر برميل النفط 100 دولار، وهي فترة ذهبية بكل المقاييس، كان المواطن يحصل فيها على فرص وظيفية ملائمة، أو غير ملائمة، على مدار السنة. أما وقد دخلنا في فترة شدّ الأحزمة؛ كنتيجة طبيعية لتراجع أسعار النفط، وبالتالي انعكاس هذا التراجع على الاقتصاد الوطني؛ بسبب الاعتماد على سلعة واحدة يتمحور حولها كل الاقتصاد، فإن وزارة العمل ستصبح في أزمة شديدة على أكثر من صعيد. من جهة، هي مطالبة بالضغط على أصحاب الشركات لخلق فرص جديدة للسعوديين، ومن جهة أخرى، هي بحاجة لمضاعفة مجهودها كي تحمي الموظفين الحاليين، ولكي تغطي عدد القضايا العمالية المرفوعة ضد الشركات، التي نتجت عن تخلي كثير من المؤسسات عن موظفيها السعوديين بعد انحدار أسعار النفط. التعديلات الأخيرة التي أجرتها وزارة العمل على مواد النظام، تم فيها مجاملة أصحاب الشركات، على حساب الموظفين وأمنهم الوظيفي، في المادة 77، والتي تسمح للشركات بفصل الموظفين متى ما رأت الشركة عدم الحاجة لهم. وقد تسربت معلومات تشير إلى أن التجار أصروا على حماية مصالحهم خلال تفاوضهم مع وزارة العمل، مما جعل الوزارة تخضع لوعود الشركات بدعم برنامج السعودة الذي تعمل الوزارة على تطبيقه. لكن الواقع الآن، كالتالي: أن التجار ظفروا بالمادة التي تخولهم الاستغناء عن الموظف، دون تقديم أي تنازل فعلي للوزارة، ولأن العامل أو الموظف غير ممثل خلال المفاوضات، كطرف شريك في عملية هو أحد طرفيها، لذا لم تتسن له فرصة الدفاع عن مصالحه. بعد التفصيل الذي ذكرناه، علينا الاعتراف بحقيقة مُرة، وهي أن مسؤوليات الدولة تجاه الموظفين تضاعفت وتعقدت، وأن وزارة العمل ليست مؤهلة لحفظ حقوق الموظفين وحماية مصالحهم. لذا فإن فتح المجال لتشكيل لجان عمالية أهلية تحمي مصالح الموظفين أضحى ضرورة وطنية.