كان هذا الموضوع مُعدا، ليتم نشره يوم الخميس 2/ يونيو الماضي، ليوافق الذكرى السنوية ليوم التقاعد، وسيعرض هنا بما يتوافق مع الوقت الحالي، ولكن بقدرة قادر ضاعت مسودة المقال (دورت عليها في حينها، عفست الدنيا.. ما لقيتها)، واستبدلته بمقال منوع عنوانه (سوانح)، وما إن وقعت عيني على المقال الآن حتى عضضت عليه بكل نواجذي. تقول أول كلمة من الموضوع: ياه.. ما أسرع الوقت..! يدخل شهر يونيو/ حزيران من عام 2016 م، وبدخوله يكون قد انقضى 14 عاما من آخر يوم غادرت فيه مكتبي بشركة الاتصالات السعودية بالأحساء، والدخول في حياة التقاعد.. وبه أيضا يتم العد التصاعدي للدخول في السنة 15 بطبيعة الحال، والله المستعان. فما أقرب ذاك اليوم الذي كأنه الآن.. حين كانت الأيادي والقلوب متشابكة على بعضها، ونحن في المكتب ننتظر قرار التقاعد يأتي عبر جهاز الفاكس من إدارة الشركة بالرياض.. كان ذلك في يوم الأربعاء: 18 ربيع الأول/ 1423ه، 29/مايو/2002 م، ولم تكن لدينا رغبة بصراحة في إنجاز أي عمل في ذلك اليوم التاريخي بالنسبة لنا!. كانت المكالمات والاتصالات الهاتفية على أشدها بين الأحساء، والرياض، وكان الجواب: أن اجتماعا حاسما يعقد الآن هناك لاستخراج قرار المجموعة الثانية (مجموعتنا) من المتقاعدين وفق البرنامج الجديد للتقاعد بعد تخصيص قطاع الاتصالات. وفي تمام الساعة 2:10 دقائق ظهرا، جاء الجواب، فكان القرار، وكانت الحرية لكل السنوات التالية! ولا شك أن أحداثا وأمورا كثيرة قد حصلت قبيل وبعد التقاعد، لا يتسع المجال لذكرها، ولا الوقت لعرضها أو تناولها، منها ما يخص الشركة وتطلعاتها وهيكلتها وتعاملها مع موظفيها، ومتقاعديها، ومنها ما يخص المتقاعد نفسه. وكنت قد كتبت قصيدة توديعية في حفل تكريم أول مجموعة من الزملاء المتقاعدين باتصالات الأحساء وفق النظام الجديد للشركة الذين سبقونا بثلاثة أشهر فقط، وكانوا قبلنا مباشرة، وكأن تلك القصيدة التي غلبت على أبياتها المجاملة وعبارات الوعظ والمُباشرة، وقد لا تهم القارئ بشيء، كانت بمثابة توديع شعري للشركة، لكن ما يمكن استخلاصه منها..هو تلك الأبيات الطريفة التي خاطبت شركة الاتصالات السعودية، وذكرت شيئا من دورها الحيوي ومهماتها في تقريب البعيد، وتسهيل الاتصال بين الناس.. والأبيات هي: إذا ما قيل: أين ترى مكانا تُقربُ للمودة كل ناءِ وينبض صوتها في كل حين وتدخلُ في المبيع، وفي الشراءِ ولا استغناء عنها في زمان تحول قرية بعد العناء أشرت ُ إلى (اتصالات ٍ) أقيمت ليبقى الحب رمزا.. للوفاء..! ولأن الحديث عن معشر المتقاعدين فهو فرصة مُناسِبة لنهمس إلى أحبتنا المسؤولين في الشركة أن يمنحوا التفاتة خاصة لهذه الفئة التي بذل متقاعدوها قصارى جهدهم، وزهرة عمرهم، وشبابهم، وكهولتهم في خدمتها. إن المجموعات الثلاث الأولى من أولئك المتقاعدين بعد التخصيص على مستوى المملكة هم المؤسسون الحقيقيون لكل شيء قائم في الشركة الآن، من قطاعات فنية وإدارية، ومالية، وهندسية، وتدريبية، وتسويقية وغيرها، مع كامل تقديري واحترامي للجهود المشكورة والبارزة للأخوة القائمين الآن. وعليه فإن هذه المجموعات وغيرهم يتمنون أن يجد المتقاعد من شركته التي كانت ولا تزال مصدر رزقه، والتي لا تبرح وجدانه وحنينه أينما كان.. رعاية واهتماما.. وليس أجمل من أن يتم تكريمهم مثلا من خلال الموافقة على توظيف أبنائهم المؤهلين، وتسهيل طلب التحاقهم بالشركة، ولو بشكل خاص أو استثنائي، ف (المرءُ يُكرمُ في وِلدِه) كما يقال.. وفي ذلك امتداد وتواصل ووفاء من الطرفين للشركة. وأن يعاد النظر في تمتع المتقاعد وعائلته بالعلاج والخدمات الطبية، ولو بجزء بسيط من التكاليف يقوم بدفعها كما كان قائما قبل التقاعد، وبخاصة أنه في هذا العمر هو أحوج ما يكون للعلاج صحيا وماديا. ومن وجوه التواصل والوفاء لهم أن يتم إصدار مجلة خاصة بهم، يستعرضون فيها ذكرياتهم وخواطرهم، وقد تكون مادة مفيدة وممتعة لزملائهم الشباب، وأن يتم تزويدهم بشكل دوري بمطبوعات وهدايا الشركة التسويقية والدعائية وبخاصة في المناسبات ومطلع السنة الهجرية والميلادية، وعمل لقاء دوري في شهر رمضان المبارك والأعياد واليوم الوطني معهم في مناطقهم، وغير ذلك من الأمور التي من شأنها أن تدخل السرور على هذه الشريحة، وحتى لا يشعر المتقاعد أنه دخل في عالم النسيان والإهمال من شركته الغالية، وكل ذلك ليس صعبا على شركتنا العزيزة التي نحمل منها وفيها ومعها ولها.. ذكريات جمة.