النمو الاقتصاد الياباني لا يزال بطيئا. والمستهلكون لا يستهلكون كثيرا، والشركات لا تستثمر. ليس لدى الحكومة الكثير من الخيارات لمعالجة هذا الوضع، وبنك اليابان، الذي أرسل معدلات الفائدة القصيرة الأجل والطويلة الأجل على حد سواء إلى المنطقة السلبية، لا يوجد لديه في الأساس مجال للمناورة. الحد الأدنى الأقرب إلى الصفر الذي يثير فزع المسؤولين يبدأ في اللدغ. يقوم بنك اليابان بشراء المزيد من الأسهم، ولكن هذا أيضا له حدوده - في نهاية المطاف تصبح الشركات مؤممة بحكم الأمر الواقع، على اعتبار أن الحكومة تصبح المساهم الذي يملك أغلبية الأسهم. هذا مخيف لأنه سيؤثر على حوكمة الشركات، ولن يحظى بشعبية من الناحية السياسية على حد سواء. كما أنه من غير الواضح على أية حال مقدار التعزيز الاقتصادي الذي حصلت عليه اليابان نتيجة برنامج شراء الأسهم. قد يلجأ البنك المركزي الياباني إلى سياسات مثل هدف التضخم العالي أو نهج «أموال المروحيات»، الذي نوقش كثيرا، ولكنه يشعر حتى الآن بالخوف من اتخاذ هذه الخطوات. مع وجود بنك اليابان على ما يبدو خارج اللعبة، فإن سياسة الاقتصاد الكلي على جانب الطلب هي من اختصاص البرلمان. لذلك اقترحت حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي قبل أسبوعين حزمة حوافز مالية جديدة. وهي ذات حجم معتدل: حوالي 45 مليار دولار هذا العام، وحوالي 60 مليار دولار على شكل قروض منخفضة الفائدة، على أن يتبعها مبلغ أدنى قليلا في العام المقبل. قد تفوز هذه الخطوة بعدد قليل من الهتافات الفاترة من المستهلكين المتضررين في اليابان، ولكن من غير المرجح أن يكون لها الكثير من الأثر. أولا، انها مجرد خطوة واحدة في سلسلة طويلة من الخطوات من هذا القبيل، لم تعمل أي منها على تحقيق الكثير لإخراج اليابان بعيدا عن ركودها الطويل والطاحن. من الواضح أن الجهود الحالية لم تقدم شيئا خاصا. وعند النظر إلى هذا التاريخ، فإنه من الواضح أن بيانات التحفيز اليابانية ليست هي التدابير المؤقتة، المكافِحة للركود التي تستخدَم عادة في الولاياتالمتحدة والتي ينادي بها معظم خبراء الاقتصاد الكينزيين. إنها «كائن هيكلي» - تدفق ثابت تقريبا للعجز في الإنفاق. إن التحفيز الجديد لآبي يوضح فقط أنه لن يحيد عن هذا النمط الطويل الأمد. وهذا يعتبر أحد الأسباب الكبيرة، التي تعلل لماذا لا ينبغي لنا أن نتوقع بأن الإنفاق الجديد يعطي للأرقام الاقتصادية اليابانية الكثير من التعزيز. وقد توصلت الشركات والمستهلكين إلى توقع بأن هذا التدفق المنتظم لإنفاق الحكومة، الذي جرَّبتْه من دون توقف لأكثر من عقدين من الزمن، قد حسبوا بالفعل الحسبة له في خطط الاستثمار والاستهلاك. بالتالي، في حين أن التحفيز قد يحفظ الاقتصاد من السقوط في حالة من الركود، كما يمكن أن يحدث خلاف ذلك إذا تبددت توقعات الناس من حفلة إنفاق حكومية أخرى فجأة، من غير المرجح تغير الاتجاهات الضعيفة في السنوات الأخيرة. ولكن هناك سببا أخر أكبر يعلل لماذا هذا التحفيز لن يفعل الكثير لإنعاش الاقتصاد الياباني. الاقتصاد وصل منذ فترة مرحلة العمالة الكاملة. التدابير على جانب الطلب تعتمد، بطبيعتها، على وضع الموارد غير المستخدمة موضع التنفيذ. يتم الجمع بين المصانع المعطلة والعمال العاطلين عن العمل، وذلك بفضل تدفق الإنفاق الحكومي الذي يسير في طريقه من خلال الاقتصاد. هذه هي الآلية الكلاسيكية التي تصورها جون مينارد كينز وأتباعه. ولكنها تعتمد بشكل حاسم على وجود هذه الموارد الحقيقية غير المستخدمة في الساحة. معدل العمالة في اليابان هو الآن عند أعلى مستوياته تاريخيا. حيث يوجد لدى 73 في المائة تقريبا من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15-64 وظائف يعملون فيها. في الثمانينيات، كان المعدل تحت 68 في المائة. ببساطة لم يبق هناك سوى عدد قليل جدا من الشعب الياباني ليوضع في قوى العمل. ليس من المفترض للحوافز من المالية العامة أن تعمل بشكل جيد جدا في ظل هذه الظروف. تتفق عادة دراسات المضاعِفات المالية -وهو مقياس لتأثير الإنفاق الحكومي على الناتج المحلي الإجمالي- على أن العائد يكون أقل بكثير عندما تكون البطالة منخفضة. لذلك علينا أن نتوقع أن هذه النوبة الجديدة من الإنفاق سوف تحصل على قيمة قليلة مقابل ما تنفقه من مال. في غضون ذلك، فإن الإنفاق الجديد يقوض في الواقع واحدة من إنجازات آبي، التي تم التغاضي عنها كثيرا -الاستدامة في المالية العامة. بفضل قرار الحكومة بزيادة ضريبة المبيعات، وأسعار الفائدة التي تصل إلى الصفر، وأرباح الشركات الجيدة، كانت تتحرك اليابان فى اتجاه وجود عجز كان -بالكاد- مستداما على المدى الطويل. هذا التحفيز، وغيره من تلك الأمور، التي ستتبع حتما إذا لم يتم تغيير هذا النمط، سيدفع العجز في الميزانية الأولية إلى ما فوق معدل النمو المحتمل على المدى الطويل في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وهذا لن يضع اليابان في خطر الإعسار الفوري، لكنه سيثير الحديث عن المزيد من الزيادات في الضرائب على المواد الاستهلاكية لسد الفجوة. المواطنون اليابانيون سيتساءلون أين تذهب أموالهم في كل مرة مرة يتم فيها رفع الضرائب عليهم. الجميع يدفع الضرائب، ولكن ليس الجميع يستفيد من الإنفاق من هذا النوع. في نهاية المطاف، يبدو من المرجح أن ذلك سيثير غضب الناخبين اليابانيين. وبذلك ما الذي ينبغي على اليابان أن تفعله بدلا من التحفيز المستمر من المالية العامة؟ في هذه المرحلة، ليس هناك حقا أي خيار إلا التركيز على كفاءة العاملين. حيث كانت إنتاجية العمل في اليابان ثابتة لمدة عشر سنوات. التحفيز من السياسة النقدية ومن المالية العامة وضع كل شخص في اليابان في وظيفة ما، لكنهم لا يقومون بالعمل من النوع الذي يستفيد استفادة تامة من مهاراتهم. الإصلاحات التي تركز على تحسين الإنتاجية -مثل تحسين حوكمة الشركات، وتحرير أسواق العمل، وفتح الأسواق المحلية المحمية- هي الإجراءات المثلى، حتى إن كانت تحتاج إلى سنوات حتى يتحقق أثرها.