تواجه باكستان الدولة النووية والحليف المهم للغرب في الحرب ضد متمردي طالبان أكبر أزمة سياسية تشهدها في السنوات الأخيرة. فقد رسمت الخطوط لمواجهة بين الجيش والحكومة المدنية. كما أن السلطة القضائية أيضا تحاول كبح جماح الإدارة. ويعتقد بعض المحللين أن تصاعد الصراع بين القوى الثلاث قد يؤدي إلى إبعاد الحكومة التي لا تتمتع بشعبية واجراء انتخابات مبكرة. وأسوأ السيناريوهات انقلاب عسكري، قد يقع إذا حاولت الحكومة إبعاد قائد الجيش الفريق أول أشفق بارفيز كياني والفريق شوجا باشا رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية، لكن هذا السيناريو يبدو إنه احتمال بعيد. وقد حدث تحول مثير في مطلع هذا الأسبوع عندما استدعت المحكمة العليا رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بتهمة ازدراء المحكمة ومثل أمامها يوم الخميس الماضي وتم تأجيل النظر في القضية حتى الأول من فبراير. ونفد صبر السلطة القضائية إزاء رفض الحكومة تنفيذ أوامرها بمطالبة السلطات السويسرية إعادة فتح قضايا غسل أموال ضد الرئيس آصف علي زرداري. وتعود الاتهامات إلى فترة التسعينيات عندما كانت زوجة زرداري الراحلة بينظير بوتو رئيسة للوزراء، وزعم أن زرداري تلقى عمولات مقابل عقود مشروعات وحول المبالغ إلى بنوك سويسرية. ورغم التوترات فإنه يمكن كبح جماح الجيش عن طريق وسائل الإعلام النابضة بالحيوية في البلاد والأحزاب السياسية المعارضة. وتم إغلاق التحقيقات السويسرية بناء على طلب من الحكومة الباكستانية في إطار صفقة سياسية معقدة بين الديكتاتور العسكري السابق برفيز مشرف وبوتو وتقول حكومة جيلاني : إن القضايا ضد زرداري لا يمكن إعادة فتحها لأنه يتمتع بحصانة رئيس الدولة، إلا أن السلطة القضائية التي يرأسها كبير القضاة المستقل إلى أقصى حد افتخار شودري تطالب باحترام حكم القانون والاستجابة لأوامر المحكمة. ووجود سلطة قضائية مستقلة أمر جديد بالنسبة للجميع في باكستان بما في ذلك السياسيين والجنرالات. ففي الماضي، كان القضاة المعينون وفقا لاختيارهم يمنحون الشرعية والغطاء لأفعالهم. في الوقت نفسه، فإن جنرالات الجيش ذوي النفوذ القوي والحكومة على وشك الصدام بشأن مذكرة زعم أنها أرسلت عن طريق مبعوث لزرداري تطلب من المسئولين الأمريكيين الحيلولة دون وقوع انقلاب عسكري محتمل عقب مقتل زعيم القاعدة على يد قوات كوماندوز أمريكية يوم 2 مايو. وقال الجيش: إن زرداري وقع على المذكرة، وطالب الجيش بضرورة محاكمته بتهمة الخيانة، وقد نفت الحكومة وجود هذه المذكرة. وحذر كياني من «العواقب الوخيمة» لاتهامات جيلاني بأنه هو وباشا قد خالفا القوانين عند ردهما على المحكمة التي تحقق في الفضيحة، وقال جيلاني: إن ردهما على المحكمة كان يتطلب إذنا من الحكومة. ورد جيلاني بإبعاد أكبر موظف إداري بوزارة الدفاع وهو من المقربين إلى كياني. ورغم التوترات، فإنه يمكن كبح جماح الجيش عن طريق وسائل الإعلام النابضة بالحيوية في البلاد والأحزاب السياسية المعارضة، وقال رسول بوكس رايس الأستاذ بجامعة لاهور للعلوم الإدارية: «لا شك في أن المواطنين ضد هذه الحكومة الديمقراطية المعطلة، لكنهم لن يرحبوا بأي حكومة عسكرية الآن». وأضاف «إن وسائل الإعلام المستقلة التي لم تكن متاحة خلال كل الانقلابات السابقة علمتهم جيدا أن يجدوا الوسائل البديلة في إطار الديمقراطية»، إلا أن جيلاني قد يفقد منصبه إذا أدين بازدراء المحكمة ومن غير المحتمل أن يثير تعاطفا كبيرا معه. فحكومته تشوبها اتهامات بالفساد وسوء الإدارة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الماضية، وتواجه البلاد تضخما مكونا من رقمين وانخفضت قيمة عملتها الى حوالي 40 بالمائة، ويتزايد قلق المواطنين من انقطاعات متكررة في الكهرباء ونقص إمدادات الغاز. ويتساءل ممتاز من سكان إسلام أباد : «هل تعتقد أننا سنتعاطف مع جيلاني إذا ذهب ؟ فماذا قدم لنا؟». وأضاف «إننا لا نستطيع طهي الطعام والمياه الدافئة غير متوافرة حتى لتغسل وجهك، وكبار السن يعانون والأطفال أصيبوا بالمرض».