بعض مشاكل الانسان المستعصية والتي قد يصطدم بها يوميا في حياته هي مشكلة النسيان. والنسيان هو الوجه الآخر لعملة من العملات الصعبة، الوجه الأول هو التذكر والوجه الآخر هو النسيان ويقول علماء النفس: إن شخصية الإنسان أو المخلوق الحي هي: الماضي.. نعم الماضي شخصية فتجارب الانسان التي مَرَ بها وطواها الزمان في أدراجه وتبقى مخزونا ينام في تلافيف الذاكرة هي شخصية الفرد بعينه سواء نسيها او تذكرها، وسوف استعين برأي الدكتور احمد فؤاد الأهواني وأنقل منه هذه العبارات: ذاكرة المرء كتاب تسطر صفحاته على مر الايام فهي أشبه بالمفكرة التي يسجل فيها الانسان يومياته، ويكتب فيها الاحداث التي مرت عليه ليرجع إليها في المستقبل عند الحاجة لقراءة ماضيه، وكل منا يكتب يومياته في مفكرته على نحو معين هو الذي يهمه، وكذلك ذاكرة كل واحد منا لا تحتفظ بما شاء ان يسجله، فهي تثبت وتمحو، تثبت ما يهمنا وتغفل ما لا نحفل به، فلا تحسبن أن الذاكرة تسجل كل بادرة وخاطرة وواقعة. وكما تصاب اليوميات بآفات فتتآكل منها صفحات، ويبهت الحبر الذي تكتب به بعض الصفحات وبخاصة القديمة منها، وقد ينتزع منها بعض الصفحات فتتطاير وتضيع، وقد تصاب بثقب تذهب معه بعض الاوراق، كذلك الذاكرة الإنسانية تصيبها مثل هذه الآفات، فتضيع منها الصفحات، ويبهت بعضها الآخر، ويمحى بعضها الثالث، وكل ذلك في صفحات الماضي الذي سجله المرء خلال الحياة وهذه الآفات هي التي يعبر عنها بأمراض الذاكرة وهي التي تحدد أنواع النسيان. فما هو الزمان او الدهر؟ يقول علماء النفس: الزمان هو ثلاث مراحل وهي الماضي والحاضر والمستقبل.. فالحاضر نقطة وهمية كلما حاولت أن تقبض عليها مر بك الزمان مرور الطيف او كما قال المعري: ثلاثة ايامٍ هي الدهر كله.. وما هن إلا الامس واليوم والغد... والزمن نسبي حسب الحدث الذي يمر به فهو يطول ويقصر بمقدار استغراقك فيه واستمتاعك به وقد تمر بك الدقيقة وكأنها سنة والعكس تماما قد تمر بك الدقيقة وكأنها دهر لقد وقفت طويلا امام سؤال طرأ على خاطري وهو: هل النبات يتذكر؟ إذ وقعت على كتاب للأستاذ راجي عنايت يتحدث عن النبات فوجدت الآتي: أما اذا تعمقنا علميا في ذاكرة النبات فقد أجرى استاذ جامعي بعض التجارب معتمدا على ستة من الطلاب، كشفت عن قدرة النبات على تخزين المعلومات لفترة زمنية محددة، وان النبات يتصرف بطريقة (ذكية)..! كانت تجربته بسيطة للغاية. سأل ستة من طلبته أن يساعدوه على إثبات ان النبات يستطيع ان يتذكر خبراته السابقة. وكانت التجربة لا تتطلب أكثر من ان يعمد أحد هؤلاء الطلبة الى تحطيم نبات وقتله.. جرى اختيار الطالب الذي سيقوم بهذه المهمة عن طريق الاقتراع السري.. واتفقوا على ان يُخفَى الطالب الذي يسحب الورقة التي بها التكليف، حتى عن أستاذه ثم كان عليه بعد ذلك ان يتسلل الى حجرة بها نباتان، فيحطم احد النباتين في وجود النبات الآخر. وفي وقت لاحق سأل الاستاذ طلبته ان يدخلوا الحجرة، واحدا بعد الآخر، وذلك بعد ان ثبت جهاز البوليجراف -هو جهاز قياس انفعالات النبات- الى النبات الذي شهد الجريمة!. توالى دخول الطلبة الأبرياء دون ان يعطي النبات أية استجابة.. لكن، عندما دخل الطالب المذنب الحجرة، أظهر الجهاز أن النبات يمر بحالة حادة من احتدام العواطف.. لقد تحركت ريشة الجهاز على شريط الورق حركةَ محمومة!!.. بهذا استطاع ان يُحَدَدَ الطالب المذنب، عن طريق انفعال النبات الثاني، كشاهد على الجريمة.. أمر يثير الدهشة!.. إذن.. هل يتمتع النبات بذاكرة؟!.. ان النبات -مع عدم وجود مثل هذا الجهاز- يمارس القدرة على الاتصال بالغير، والقدرة على التذكر.