للعامل النفسي دور كبير في حركة الاقتصاد الحديث، ولطالما كان ذلك التأثير واضحا ومؤثرا في كثير من الأسواق، سواء كانت الأسهم أو العقارات أو حتى التجزئة، وما يحدث عالميا ينعكس سلبا أو إيجابا في الاقتصاديات المحلية، فهناك حالة من التلاحم العضوي بين الاقتصاديات خاصة وأننا أصبحنا نعيش في عالم صغير تنتقل فيه المعلومة والأرقام والإحصائيات بسرعة رهيبة. من بين كل الأزمات وحالة الترقب التي نشهدها حاليا في تأثير تغيرات الأحوال السياسية والاقتصادية يبرز كثير من الإشراقات التي يفترض أن تعالج مسألة العامل النفسي الذي يؤثر على تنفيذ المشروعات سواء كان ذلك على الصعيد الدولي أو المحلي، فلا تزال هناك شركات كبيرة وعابرة للقارات تتوسع في استثماراتها وتوقع اتفاقياتها وتحقق معدلات نمو مناسبة قياسا بحالة الركود وتباينها في الاقتصاديات الدولية، ولكن دوما هناك مساحة لاختراق التراجعات والصعود الى مرحلة مناسبة من الانتعاش. ما يبعث على التفاؤل فيما يتعلق باقتصادنا الوطني أن هناك رؤية واستراتيجية يجري تنفيذها بحيث تعمل في مسار يستهدف رفع معدلات النمو والانتاج ومحاصرة أي خلل أو ظواهر سلبية تعوق أو تكبح النمو، ولذلك نسعد حين نرى مؤسسات كبيرة مستمرة في تنفيذ مشروعاتها في مجال البنية التحتية أو تطوير استثماراتها فذلك يعني نوعا من الانتعاش الضروري لقطاعات أخرى بما يسمح بمعالجة الآثار النفسية السلبية للأسواق، ومن ذلك ما وقعته الهيئة الملكية للجبيل وينبع مؤخرا لحوالي 24 عقدا مع 16 مستثمرا تخصص الهيئة بموجبها أراضي في مدينتي الجبيل ورأس الخير الصناعيتين للمستثمرين لإقامة مشاريع استثمارية تجارية بقيمة إجمالية 1262 مليون ريال. تلك حالة من النشاط تؤكد أن المؤسسات مستمرة في العمل ويمكنها أن تواجه تحدياتها بما يجعل المنشآت والمؤسسات المتوسطة والصغيرة تتحرك في مساحات واسعة دون التفكير بصورة سلبية في متغيرات السوق والاقتصاد، وإذا كانت من تبعات للاقتصاد العالمي فهناك أيضا بجانب خبر الهيئة تقرير آخر يتوقع أن يبلغ النمو العالمي 2.9% في عام 2016، وإن كان أبطأ معدل نمو منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009م، ولكن أن يحدث نمو فذلك كما اشرت مناسب رغم الأحوال العالمية الحالية التي تؤثر فيها السياسة ومظاهر الركود في أكثر من اقتصاد، لذلك فإننا ولا شك نتجاوز الحاجز النفسي لنمضي في مسيرة التنمية والنمو لأن ما يحدث جزء من التحدي الذي يجب أن نعبره الى طموحاتنا المستقبلية بحسب استراتيجية النمو.